وكيف كان فمهمة السلطة التنفيذية بمراتبها من الوزارة وغيرها تنفيذ القوانين و التصميمات المتخذة من قبل السلطة التشريعية في شتى مسائل الحياة.
والاحتياج إليها واضح، فإن القانون مهما كان صالحا راقيا فهو بنفسه لا يكفي في إصلاح شؤون المجتمع ورفع حاجاته العامة ما لم يكن هنا مسؤول يلتزم بإجرائه و تنفيذه. ولا يمكن أن يفوض تنفيذ التكاليف العامة المتعلقة بالمجتمع، مثل نظم البلاد و إيجاد الأمن فيها والدفاع عنها وإجراء الحدود والتعزيرات ونحو ذلك، إلى عامة المجتمع. فإنه يوجب إهمال كثير من الأمور والفوضى والاختلاف، فلا بد من أن يفوض كل قسمة منها إلى مسؤول خاص يكون متخصصا فيها ويصير ملتزما بإجرائها.
ولا تتحدد السلطة التنفيذية بشكل خاص أو عدد خاص أو مرتبة خاصة. بل كلما اتسع نطاق الملك وحيطته وتشعبت مسائل الحياة واحتياجاتها تشعبت الدوائر وكثر العمال قهرا.
نعم، تجب رعاية القصد فيها والاحتراز عن الإفراط والتفريط. فإن كثرة العمال و الموظفين توجب كثرة الدوائر وتفرقها وتضييع أوقات المراجعين ووضع ضرائب كثيرة على عاتق المجتمع. وكل ذلك خسارة.
وقد كانت الحكومة في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في غاية السذاجة والبساطة، فكان هو (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه يتولى قسما كبيرا من الشؤون السياسية والقضائية والاقتصادية والعسكرية. نعم، كان يفوض بعض التكاليف والمسؤوليات أيضا إلى الأفراد الصالحين للقيام بها حسب الضرورة والحاجة، فكان يعين الولاة على البلاد، والجباة على الصدقات، والأمراء للسرايا وفي بعض الغزوات ويرسم لهم تكاليفهم ومنهجهم كما ضبطها التواريخ.
وكذلك نشاهد السذاجة فيما بعده وفي خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضا مع سعة نطاق الملك وكثرة البلاد. فالمهم هو إنجاح الطلبات ورفع الحاجات والعمل بالتكاليف بأسهل الطرق وفي أسرع الأوقات والأزمان بأقل المؤونات.