ولا يجوز أن يرجع عن هذا الظاهر بأخبار الآحاد التي يروونها، لأنها توجب الظن ولا يخص بها ويرجع عما يوجب العلم من ظواهر الكتاب ولأن أكثرها مطعون على رواته مقدوح فيهم، ولأنها معارضة بأخبار كثيرة يروونها أيضا مخالفونا، وتوجد في كتبهم، ولأن أكثرها له تأويل يوافق مذهبنا، وتفصيل هذه الجملة أن مخالفنا في هذه المسألة يعول على خبر يرويه الزهري عن علي بن الحسين ع عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أسامة بن زيد أن النبي ص قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ص: أنه لا يتوارث أهل ملتين. وعن عامر الشعبي عن النبي عليه وآله السلام نحوه وعن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: مضت السنة أن لا يرث المسلم الكافر، ولم يورث عمر بن الخطاب الأشعث بن قيس عن عمته اليهودية وقال الزهري: كان المسلم لا يرث الكافر في عهد النبي ص وعهد أبي بكر وعمر وعثمان، فلما ولى معاوية ورث المسلم من الكافر وأخذ بذلك الخلفاء حتى قام عمر بن عبد العزيز فراجع السنة الأولى، وكل هذه الأخبار إذا سلمت من القدوح والجروح إنما توجب الظن دون العلم اليقين، ولا يجوز أن يرجع بها ولا بشئ منها عما يوجب العلم من ظواهر كتاب الله تعالى.
فأما خبر أسامة فمقدوح فيه، لأن أسامة تفرد به عن النبي ص وتفرد به أيضا عنه عمرو بن عثمان. وتفرد به عنه علي بن الحسين ع وتفرد به الزهري عن علي بن الحسين ع وتفرد الراوي بالحديث مما يوهنه ويضعفه لوجوه معروفة.
وقد روي هذا الحديث بعينه الزهري فقال عن عمرو بن عثمان ولم يذكر علي بن الحسين ع واختلاف الرواية أيضا فيه مما يضعفه، ومما يضعف هذا الخبر أن علي بن الحسين ع كان يورث المسلم من الكافر بلا خلاف فلو روي فيه سنة لما خالفها.
وروى أحمد بن حنبل عن يعقوب عن أبيه عن صالح عن الزهري أن علي بن الحسين عليهما السلام أخبره أن عثمان بن عفان وأسامة بن زيد قالا: لا يرث المسلم الكافر من غير أن يسنداه إلى النبي ص وهذا الاختلاف والاضطراب في رواية الخبر