باب ذكر من يرث بالفرض والقرابة:
قال الله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا.
اختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال قوم: إن أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث فنزلت هذه الآية ردا لقولهم، وقال الزجاج: كانت العرب لا يورثون إلا من طاعن بالرماح وذاد عن الحريم فزلت هذه الآية ردا عليهم، وبين أن للرجال والنساء نصيبا في مال الميت قليلا كان المال أو كثيرا لكي لا يتوهم أنه إذا قل كان الرجال أولى به أو خالف حكمه حكم الكثير.
ونصيبا مفروضا نصب على الحال أي لهم نصيب حالة أن الله فرضه، وفي الآية دليل على بطلان القول بالعصبة لأن الله تعالى فرض الميراث للرجال والنساء، فلو جاز أن يقال: النساء لا يرثن، في موضع لجاز لآخرين أن يقولوا: والرجال لا يرثون.
ثم قال: وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه، هذه الآية عندنا محكمة غير منسوخة وبه قال ابن عباس وجماعة، والمخاطب بقوله: فارزقوهم، الورثة، أمروا بأن يرزقوا المذكورين إذا كانوا لا سهم لهم في الميراث، وقال آخرون: إنما يتوجه إلى من حضرته الوفاة وأراد الوصية فإنه ينبغي له أن يوصي لمن لا يرثه من هؤلاء المذكورين بشئ من ماله، والوجه الأول.
وقال سعيد بن جبير: إن كان الميت أوصى لهم بشئ أنفذت وصيته وإن كان الورثة أرضخوا لهم فإن كانوا صغارا قال وليهم: إني لست أملك هذا المال وليس لي إنما هو للصغار فذلك قوله: وقولوا لهم قولا معروفا، أمر الله أن يقول الولي الذي لا يرث للمذكورين قولا معروفا ويقول: إن هذا لقوم غيب أو يتامى صغار ولكم فيه حق ولسنا نملك أن نعطيكم منه، وقال ابن عباس: إن قوله: للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن، نزل في الميراث، فإن كان كذلك وإلا فالعموم أيضا يتناوله.