الفصل الثالث: في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم:
وهؤلاء يرث بعضهم من بعض إذا كان لهم أو لأحدهم مال وكانوا يتوارثون، واشتبهت الحال في تقدم موت بعض على بعض، فلو لم يكن لهم مال أو لم يكن بينهم موارثة أو كان أحدهما يرث دون صاحبه كأخوين لأحدهما ولد سقط هذا الحكم، وكذا لو كان الموت لا عن سبب أو علم اقتران موتهما أو تقدم أحدهما على الآخر.
وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الهدم والغرق مما يحصل معه الاشتباه تردد، وكلام الشيخ في النهاية يؤذن بطرده مع أسباب الاشتباه، إذا ثبت هذا فمع حصول الشرائط يورث بعضهم من بعض ولا يورث الثاني مما ورث منه، وقال المفيد رحمه الله: يرث مما ورث منه، والأول أصح لأنه إنما يفرض الممكن، والتوريث مما ورث يستدعي الحياة بعد فرض الموت، وهو غير ممكن عادة ولما روي أنه لو كان لأحدهما مال صار المال لمن لا مال له.
وفي وجوب تقديم الأضعف في التوريث تردد، قال في الإيجاز: لا يجب وقال في المبسوط: لا يتعين به حكم، غير إنا تتبع الأثر في ذلك، وعلى قول المفيد رحمه الله تظهر فائدة التقديم، وما ذكره في الإيجاز أشبه بالصواب، ولو ثبت الوجوب كان تعبدا.
فلو غرق زوج وزوجة فرض موت الزوج أولا وتعطى الزوجة ثم يفرض موت الزوجة ويعطي الزوج نصيبه من تركتها الأصلية لا مما ورثته، وكذا لو غرق أب وابن يورث الأب ثم يورث الابن، ثم إن كان كل واحد منهما أولى من بقية الوراث انتقل مال كل واحد منهما إلى الآخر، ومنه إلى ورثته كابن له إخوة من أم وأب له إخوة فمال الولد ينتقل إلى الوالد، وكذا مال الوالد الأصلي ينتقل إلى الولد ثم ينتقل ما صار إلى كل واحد منهما إلى إخوته.
وإن كان لأحدهما أو لكل واحد منهما شريك في الإرث كابن وأب وللأب أولاد غير من غرق وللولد أولاد فإن الأب يرث مع الأولاد السدس، ثم يفرض موت الأب فيرث الابن مع إخوته نصيبه وينتقل ما بقي من تركته مع هذا النصيب إلى أولاده، ولو كان