وأيضا فإن الله تعالى جعل للوالدين حقا عاليا ثم أهبطهما عنه في بعض الأحوال ولم يفرق بين الأب والأم في ذلك، وكما أن الإخوة والأخوات لا يرثون شيئا مع الأب كذلك يجب أن لا يرثوا مع الأم.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية أنهم ذهبوا في من يموت ويخلف والديه وبنته أن للبنت النصف وللأبوين السدسين وما يبقى يرد عليهم على حساب سهامهم، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن للبنت النصف وللأم السدس وللأب ما بقي وهو الثلث.
دليلنا على صحة قولنا الاجماع المتردد، ولأن الأبوين لهما السدسان بظاهر الكتاب وللبنت النصف بظاهره أيضا، ويبقى السدس فيجب أن يكون مردودا على الجماعة بقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، فكيف يجوز هذا الباقي للأب وإنما له السدس مع الولد، فإذا قالوا: بالخبر المتضمن لذكر العصبة، فقد تقدم من الكلام في ذلك ما فيه كفاية، ولأن خبرهم إذا صح يقتضي أن تبقى الفرائض شيئا، وهاهنا ما أبقت الفرائض شيئا بل قد استوفى النص جميع المال.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية أنهم يذهبون في من ترك ابنتيه وأحد أبويه وابن ابن أن للبنتين الثلثين ولأحد الأبوين السدس وما يبقى فهو رد على البنتين وأحد الأبوين وليس لابن الابن شئ، وخالف سائر الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن السدس الباقي من هذه الفريضة لابن الابن.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة المتردد أن أحد الأبوين أقرب إلى الميت من ابن ابنه، والقربى مراعاة في الميراث فكيف يجوز أن يرث البعيد مع القريب، ولأن مخالفينا يعولون في ذلك على الخبر الذي يروونه عن النبي ص: ما أبقت الفرائض فلأولي ذي عصبة ذكر، وقد أسلفنا من الكلام في إبطال هذا الخبر ما فيه كفاية.
ثم لو كان صحيحا لكان الأب بأن يكون هو الأولى بالميراث من ابن الابن، فلو راعينا التعصيب الذي يراعونه لكان الأب أحق من ابن الابن به.