فلما أجمعت الأمة على أن الكافر لا يرث المسلم أخرجناه بهذا الدليل الموجب للعلم.
ونفي ميراث المسلم من الكافر تحت الظاهر كميراث المسلم من المسلم، ولا يجوز أن يرجع عن هذا الظاهر بأخبار الآحاد التي يروونها لأنها توجب الظن ولا يخص بها ولا يرجع عما يوجب العلم من ظواهر الكتاب وربما عول بعض المخالفين لنا في هذه المسألة على أن المواريث بنيت على النصرة والمولاة بدلالة قوله تعالى: والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا، فقطع بذلك الميراث بين المسلم المهاجر وبين المسلم الذي لم يهاجر إلى أن نسخ ذلك بانقطاع الهجرة بعد الفتح فلذلك يرث الذكور في العصبة دون الإناث لنفي العقد والنصرة عن النساء ولذلك لا يرث القاتل عمدا ظلما ولا العبد لنفي النصرة.
وهذا ضعيف جدا لأنا أولا لا نسلم أن المواريث بنيت على النصرة والمعونة لأن النساء يرثن وكذا الأطفال ولا نصرة هاهنا وعلة ثبوت المواريث غير معلومة على التفصيل وإن كنا نعلم على سبيل الجملة أنها للمصلحة، وبعد فإن النصرة مبذولة من المسلم للكافر في الواجب وعلى الحق كما أنها مبذولة للمسلم بهذه الشروط.
باب إن ولد الولد ولد وإن نزل:
الدليل على ذلك بعد الاجماع قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا يدخل فيه الولد للصلب وولد الولد ولا خلاف أن مع أولاد الابن للوالدين السدسين، ولا اعتبار بخلاف بعض أصحاب الحديث من أصحابنا لأن الاجماع عندنا إنما كان حجة لكون المعصوم فيه ومن خالف فيه معلوم أنه ليس بمعصوم فلا يعتد بخلافه ولا ينعكس ذلك علينا، لأنا لا نعلم أن كل من قال بما قلناه ليس بمعصوم لتجويز أن يكون بعض علماء الأمة الذي لا يعرف نسبه ولا ولادته إماما.
فإن: قيل لا نسلم أن ولد الولد ولد حقيقة؟، قلنا: هذا خلاف القرآن لأن الله تعالى قال: وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم، ولا خلاف أن امرأة ولد الولد يحرم نكاحها ووطؤها سواء كان ولد ابن أو ولد بنت وإن نزلوا ببطون كثيرة لا خلاف بين الأمة في ذلك،