وذهب زيد بن ثابت إلى أن الفاضل من السهام لبيت المال، وبه قال الشافعي ومالك وداود وكثير من أهل الحجاز، ومن تأمل هذا الموضع علم أن الإمامية منفردة فيه عن من وافقها في الرد من أهل العراق وغيرهم لأن أولئك راعوا العصبة والإمامية لا تراعيها، وترد على كل حال، والوجود إذا تؤملت عرف موضع انفراد الإمامية.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه في هذه المسألة إجماع الطائفة، وقد بينا أنه حجة، ويمكن أن يستدل على ذلك بقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)، فدل على أن من هو أولى بالرحم وأقرب به أولى بالميراث.
وقد علمنا أن قرابة الميت وذوي رحمه أولى بميراثه من المسلمين وبيت المال، وأصحاب السهام أيضا غير الزوج والزوجة أقرب إلى الميت من عصبته فوجب أن يكون فاضل السهام إليهم مصروفا.
فإن قيل: لم يقع التصريح في الآية بأن أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض في الميراث؟
قلنا: اللفظ يحتمل الميراث وغيره فنحمله بحكم العموم على جميع ما يحتمله، ومن ادعى التخصيص فعليه الدليل، ومما يمكن أن يعارض به الخصوم في رواياتهم التي يتناولونها وتوجد في كتبهم ما رووه عن النبي ص من قوله: المرأة تحوز ميراث ثلاثة عتيقها ولقيطها وولدها، فأخبر أنها تحوز جميع ميراث بنيها، ولا تحوز جميعه إلا بالرد عليها دون التسمية.
ومما يمكن أن يعارضوا به أيضا ما يروونه عن النبي ص أنه جعل ميراث ولد الملاعنة لأمة ولذريتها من بعدها، وهذا يقتضي أن يكون جميع ميراثه لها، ولا يكون لها الجميع إلا بالتسمية والرد، ومما يمكن أيضا أن يعارضوا به ما يروونه عن سعد أنه قال للنبي ص إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا بنتي أ فأوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال:
فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، ووجه الدلالة من الخبر أنه قال: ليس يرثني إلا بنتي ولم ينكر عليه النبي ص.
وروي هذا الخبر بلفظ آخر أنه قال: أ فأوصي بثلثي مالي والثلث لبنتي؟ قال:
لا، قال: أ فأوصي بنصف مالي والنصف لبنتي؟ قال: لا، قال: أ فأوصي بثلث مالي والثلثان