وأصل الكلالة الإحاطة ومنه الإكليل لإحاطته بالرأس، والكلالة لإحاطتها بالنسب الذي هو الولد والوالد وقال أبو مسلم: أصلها من كل إذا أعيا فكأنه يتناول الميراث من بعد على كلال وإعياء، وقال الحسين بن علي المغربي: أصله عندي ما تركه الانسان وراء ظهره، مأخوذا من كلالة وهو مصدر الأكل وهو الظهر، تقول: ولاني فلان أكله على وزن أظله أي ظهره، وهذا الاسم تعرفه العرب وتخبره عن جملة النسب والوراثة ولا خلاف أن الإخوة والأخوات من الأم يتساوون في الميراث.
وإنما قال: وله أخ أو أخت، ولم يقل: لهما وقد قال قبله: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة، لرفع الإبهام، ولو ثني لكان حسنا كما يقول: من كان له أخ أو أخت فليصله ويجوز فليصلها ويجوز أيضا فليصلهما، فالأول يرد الكناية على الأخ والثاني على الأخت والثالث عليهما، كل ذلك حسن.
وقوله تعالى: غير مضار، نصب على الحال ويجوز أن يكون مفعولا به، تلك حدود الله، أي هذه تفصيلات الله لفرائضه لأن أصل الحد هو الفصل، وقال ابن إلياس: المعنى تلك حدود طاعة الله، فإن قيل: إذا كان ما تقدم ذكره دل على أنها حدود الله فما الفائدة في هذا القول؟ قلنا عنه جوابان: أحدهما أنه للتأكيد والثاني أن الوجه في إعادته ما علق به من الوعد والوعيد.
فصل: في ميراث كلالة الأب:
قال الله تعالى: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، إلى آخرها، روى البراء بن عازب: أن هذه الآية آخر ما نزلت بالمدينة، وقال غيره: نزلت في مسير كان فيه رسول الله ص.
واختلفوا في سبب نزولها: فقال سعيد بن المسيب: سئل النبي ع عن الكلالة فقال: أ ليس قد بين الله ذلك، فنزلت الآية، وقال جابر: اشتكيت وعندي تسع أخوات لي أو سبع فدخل علي النبي ع فنفخ في وجهي فأفقت فقلت: يا رسول الله ألا أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: أحسن. قلت: بالشطر؟ قال: أحسن، ثم خرج