إمامنا عقد لهم عقد الذمة، وشرائط الذمة الامتناع من مجاهرة المسلمين بأكل لحم الخنزير وشرب الخمر وأكل الربا ونكاح المحرمات في شريعة الاسلام، فمتى فعلوا شيئا من ذلك وهذا خرجوا من الذمة، فكيف يجوز لنا أن نقرهم على نكاح المحرمات في شرعنا ونحكم لهم بذلك وبصحته إذا تحاكموا إلينا وأخذ علينا أن لا نقرهم على ذلك؟ هذا في اليهود والنصارى الذين هم الأصل في هذه الأحكام والمجوس فرع عليهم، لأنا أمرنا الشارع أن نسن فيهم سنة أهل الكتاب اليهود والنصارى، فإذا كان الأصل أن لا نقرهم على نكاح المحرمات فكيف بك بالفرع؟ وهذا الاستدلال مجمع عليه لا خلاف فيه أن من جملة شرائط الذمة أن لا تنكحوا المحرمات في شرعنا.
وقد قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه في الجزء الرابع في كتاب المكاتب في فصل في كتابة الذمي: يجوز كتابة النصراني بما يجوز به كتابة المسلم لعموم الآية والخبر، وإنما يصح كتابته على الوجه الذي يصح عليه كتابة المسلم ويرد على الوجه الذي يرد عليه المسلم، فإذا كاتب عبدا ثم ترافعا إلى حاكم المسلمين حكم بينهم بحكم الاسلام، فإن كانت الكتابة يجوز بين المسلمين أمضاها وإن كانت لا يجوز ردها لأن الحاكم إنما يجوز له أن يحكم بما يسوع في دينه، هذا آخر كلامه من أول الفصل إلى هاهنا حرفا فحرفا.
ألا ترى إلى قوله رحمه الله في هذا الموضع: لأن الحاكم إنما يجوز له أن يحكم بما يسوع في دينه، وهذا هو الحق اليقين، فشيخنا أبو جعفر المخالف في مسألة المجوس إذا تحاكموا إلينا وهو محجوج بقوله هذا الذي حكيناه عنه في مبسوطه.
وما ذهبنا إليه اختيار السيد المرتضى ذهب إليه في المسائل الموصليات الثانية فإنه قال المسألة التاسعة والمائة: وإن ميراث المجوس من جهة النسب الصحيح دون النكاح الفاسد والحجة في ذلك الاجماع المتكرر وليس هذه المسألة مما ينفرد بها الإمامية بل يوافق عليها مالك والشافعي ومن المتقدمين الحسن والزهري والأوزاعي، هذا آخر كلامه في المسألة وكلامنا أيضا فقد أطلنا فيها.
فأما من عدا المجوس من الكفار إذا تحاكموا إلينا ورثناهم على كتاب الله وشريعة