الراوي من عدول طائفتنا على ما قرره في عدته على ما حكيناه عنه.
ولقد أحسن شيخنا محمود الحمصي رحمه الله فيما أورد في كتابه " المصادر في أصول الفقه " لما حكى كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه في عدته فإنه ذكر جملة باب الأخبار وطول في الإيراد لها معظمها فإنه قال:
وذهب شيخنا السعيد الموفق أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه ونور ضريحه إلى وجوب العمل بما ترويه ثقات الطائفة المحقة وإن كانوا في حيز الآحاد - ثم ذكر بعد ذلك فصولا كثيرة حكى فيها كلامه - ثم قال بعد ذلك: قال قدس الله روحه:
فإن قيل: كيف تعملون بهذه الأخبار ونحن نعلم أن رواتها أكثرهم كما رووها رووا أيضا أخبار الجبر والتشبيه وغير ذلك من الغلو والتناسخ وغير ذلك من المناكير؟ فكيف يجوز الاعتماد على ما يرويه أمثال هؤلاء؟
قيل لهم: ليس كل الثقات نقل حديث الجبر والتشبيه وغير ذلك مما ذكر في السؤال، ولو صح أنه نقله لم يدل على أنه كان معتقدا لما تضمنه الخبر ولا يمتنع أن يكون إنما رواه ليعلم أنه لم يشذ عنه شئ من الروايا ت لا لأنه يعتقد ذلك.
فإن قيل: كيف تعولون على هذه الأخبار وأكثر رواتها المجبرة والمشبهة والمقلدة والغلاة والواقفة والفطحية وغير هؤلاء من فرق الشيعة المخالفة للاعتقاد الصحيح؟ ومن شرط خبر الواحد أن يكون راويه عدلا عند من أوجب العمل به وهذا مفقود في هؤلاء؟
قيل: لسنا نقول أن جميع أخبار الآحاد يجوز العمل بها، بل لها شرائط نحن نذكرها فيما بعد ونشير هاهنا إلى جملة من القول فيه: فأما ما يرويه العلماء المعتقدون للحق فلا طعن على ذلك بهذا السؤال، وأما الفرق الذين أشاروا إليهم من الواقفة والفطحية وغير ذلك فعن ذلك جوابان:
أحدهما: أن ما يرويه هؤلاء يجوز العمل به إذا كانوا ثقات في النقل وإن كانوا مخطئين في الاعتقاد، فما يكون طريقه هؤلاء جاز العمل به.
قال عليه شيخنا الحمصي: إلا أن هذا الجواب لا يوافق المذهب الذي اختاره وقرره وقننه من