دليل، هذا آخر كلامه رحمه الله ومعه في هذا الحق اليقين والدليل على صحة ما استدل به فنعم ما قال واستدل، ولا نلتفت إلى ما قاله شيخنا في مقنعته فإنه خلاف أصول مذهبنا وإجماع طائفتنا ومصير إلى مذهب المخالف لنا.
والمهدوم عليهم والغرقى إذا لم يعرف تقدم موت بعضهم على بعض وكان يرث بعضهم بعضا ورث بعضهم من بعض من نفس التركة لا مما يرثه من الآخر لأنا إن ورثناه مما ورثه لما انفصلت القسمة أبدا.
وذهب بعض أصحابنا إلى: أنه يورثه مما ورثه أيضا، وهو اختيار شيخنا المفيد، والأول هو الأظهر بين الطائفة الذي يقتضيه أصول مذهبنا لأن الإرث لا يكون إلا فيما يملكه الميت قبل موته، وقد روى أصحابنا: أنه يقدم أضعفهم نصيبا في الاستحقاق ويؤخر الأقوى، مثال ذلك:
زوج وزوجة فإنه يفرض المسألة أولا كان الزوج مات وتورث منه الزوجة لأن سهمها أقل من سهم الزوج ويورث بعد ذلك الزوج، قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: وهذا مما لا يتغير به حكم سواء قدمنا موت الزوج أو الزوجة إذا ورثنا أحدهما من صاحبه غير أنا نتبع الأثر في ذلك، ونعم ما قال.
ومتى ورثنا أحدهما من صاحبه قدر ما يستحقه فما يبقى يكون لورثته الأحياء، فإن فرضنا في غرق الأب والابن أن للأب وارثا غير أن هذا الولد أولى منه، وفرضنا أن للولد وارثا غير أن أباه أولى منه، فإنه يصير ميراث الابن لورثة الأب وميراث الأب لورثة الابن، لأنا إذا فرضنا موت الابن أولا صارت تركته للأب وإذا فرضنا موت الأب بعد ذلك صارت تركته خاصة للولد وصار مما كان ورثه من أبيه لورثة الآخر، وكذلك إذا فرضنا موت الأب تصير تركته خاصة لورثة الابن وعلى هذا يجري أصل هذا الباب.
فإن خلف أحدهما شيئا ولم يخلف الآخر شيئا فإنه ينتقل ميراث من له مال إلى الذي ليس له شئ، ومنه ينتقل إلى ورثته ولا ينتقل إلى ورثة الذي خلف المال شئ على حال.
وعلى هذا متى كان أخوان معتقان فماتا غرقا أو هدما ولم يعلم تقدم موت أحدهما على