ثالث بغير خلاف لأن الحق لا يعدوهم، وفي هذا القول ما فيه عند من تدبره وتأمله.
ثم قوله: وما ذكره أصحابنا من خلاف ذلك ليس به أثر عند الصادقين عليهم السلام ولا عليه دليل من ظاهر القرآن بل إنما قالوه لضرب من الاعتبار وذلك عندنا مطرح بالإجماع، فقد أقر بأن قال: وما ذكره أصحابنا، يعني الإمامية وما تقوله الإمامية الذين هم أصحابه ففيه الحق، فكيف لا يكون عليه دليل؟ بل قولهم له هو الدليل القاطع والبرهان الساطع.
ثم قال: ليس به أثر عن الصادقين، فإذا أجمعوا على القول فلا حاجة لهم إلى رواية تروي عن بعض الصادقين إذا لا دليل فيها، بل إجماعهم عليها هو الدليل على صحتها، بل في قولهم وإجماعهم على الحكم قول بعض الصادقين وهو رئيس الكل في عصره وإمام زمانه مقطوع على صدقه.
وأما قوله رحمه الله: ولا عليه دليل من ظاهر القرآن، بل ظاهر القرآن عليه ومعهم فيه - وهو قوله تعالى: فاحكم بينهم بما أنزل الله وقل الحق من ربكم - دليل إلى غير ذلك من الآيات المحكمات، وأي ظاهر قرآن معه رحمه الله فيما ذهب إليه؟ أو أي رواية عن الصادقين معه؟ وفي هذا الموضع يحسن أن يقال: اقلب تصب.
ثم قوله رحمه الله وشناعته: بل إنما قالوه لضرب من الاعتبار، إن أراد بالاعتبار هاهنا القياس فهو كما قال إنه باطل عندنا، وأي قياس هاهنا حتى يشنعه؟ وإن أراد بالاعتبار استخراج الأدلة والنظر فيها وما يقتضيه أصول المذهب، فهذا لا نأباه نحن ولا هو رحمه الله، وأكثر استدلالاته في مسائله على خصومه وغيرهم قوله: والذي يقتضيه أصول مذهبنا، وما يزال قائلا بأن: الأصل الإباحة والحظر يحتاج إلى دليل، هذا لا يزال يستدل به في مسائل خلافه وفي أول خطبة مسائل خلافه لما قرر الأدلة وبنى كتابه عليها قال: أو إجماع أو دليل أصل، ثم ما رأيت أعجب منه رحمه الله يذهب إلى هذا في خطبة مسائل خلافه وفي جميع استدلالاته في مسائلها إذا احتاج إلى ذلك، ويذهب في عدته التي هي أصول فقهه في أن الأشياء في دليل العقل على الحظر أو الإباحة أو الوقف في ذلك، ويستدل في مسائل خلافه بأن الأصل الإباحة في الأشياء، وأصول الفقه ما تراد إلا حتى تركب عليها مسائل الفقه.