النسب على كل حال وإن كان حاصلا عن سبب لا يجوز في شريعة الاسلام فأما السبب فلا يورث منه إلا مما يجوز في شرع الاسلام، والصحيح عندي أنه يورث المجوسي من جهة النسب والسبب معا سواء كان مما يجوز في شريعة الاسلام أو لا يجوز، والذي يدل على ذلك الخبر الذي قدمناه عن السكوني، وما ذكره أصحابنا من خلاف ذلك ليس به أثر عند الصادقين عليهم السلام ولا عليه دليل من ظاهر القرآن، بل إنما قالوه لضرب من الاعتبار وذلك عندنا مطرح بالإجماع، وأيضا فإن هذه الأنساب والأسباب وإن كانا غير جائزين في شريعة الاسلام فهما جائزان عندهم ويعتقدون أنه مما تستحل به الفروج ولا تستباح بغيره فجرى مجرى العقد في شريعة الاسلام، ألا ترى إلى ما روي: أن رجلا سب مجوسيا بحضرة أبي عبد الله فزبره ونهاه عن ذلك فقال: إنه تزوج بأمه فقال: أما علمت أن ذلك عندهم النكاح؟ وقد روي أيضا أنه قال ع: إن كل قوم دانوا بشئ يلزمهم حكمه، وإذا كان المجوس يعتقدون صحة ذلك فينبغي أن يكون نكاحهم جائزا، وأيضا لو كان ذلك غير جائز لوجب أن لا يجوز أيضا إذا عقد على غير المحرمات وجعل المهر خمرا أو خنزيرا أو غير ذلك من المحرمات لأن ذلك غير جائز في الشرع، وقد أجمع أصحابنا على جواز ذلك فعلم بجميع ذلك أن الذي ذكرناه هو الصحيح وينبغي أن يكون عليه العمل وما عداه يطرح ولا يعمل عليه على حال، هذا آخر الباب جميعها حرفا فحرفا التي أوردها شيخنا أبو جعفر في تهذيب الأحكام.
فانظر أرشدك الله بعين قلبك واترك تقليد الرجال جانبا هل فيها دليل يعتمد ويوجب العمل والعلم ويثمر اليقين؟ بل معظمها عنده رضي الله عنه الرواية عن السكوني التي جعلها اعتماده فصدر بها بابه وقد بينا ما فيها.
ثم إنه رحمه الله حكى في نهايته لما قال: وهذا القول هو المعتمد عندي وبه تشهد الروايات، وما أورد في تهذيب أحكامه الذي هو معدن رواياته ومظان أخباره إلا رواية واحدة وقد قلنا ما عندنا فيها، ثم إنه حكى في تهذيب الأحكام أن أصحابنا على مذهبين اثنين فحسب:
مذهب يونس ومن تابعه، ومذهب ابن شاذان ومن تبعه، فكيف يحدث هو رحمه الله قولا ثالثا؟ وأصحابنا على ما حكاه عنهم على قولين فإذا أجمعوا على قولين فلا يجوز إحداث قول