قد صنف كتبا أخبارية أكبرها تهذيب الأحكام أورد فيه من كل غث وسمين، وهو الذي يومئ إليه ويعتمد عليه، وما أورد فيه ولا ذكر سوى الرواية الواحدة التي رواها مخالفونا في المذهب، وهو إسماعيل بن أبي زياد السكوني بفتح السين منسوب إلى قبيلة من العرب اليمن وهو عامي المذهب بغير خلاف، وشيخنا أبو جعفر موافق على ذلك قائل به ذكره في فهرست المصنفين، وله كتاب يعد في الأصول وهو عندي بخطي كتبته من خط ابن أشناس البزاز، وقد قرئ على شيخنا أبي جعفر وعليه خطه إجازة وسماعا لولده أبي علي ولجماعة رجال غيره.
فإن كان شيخنا أبو جعفر عاملا بأخبار الآحاد فلا يجوز له أن يعمل بهذه الرواية إذا سلمنا له العمل بأخبار الآحاد تسليم جدل على ما يقترحه وذكره في عدته، وإن كان مخالفا لإجماع أصحابنا سلفهم وخلفهم، حتى أن المخالفين من أصحاب المقالات يذكرون في كتبهم ومقالات أهل الآراء والمذاهب: أن الشيعة الإمامية لا ترى العمل في الشرعيات بأخبار الآحاد، وشيخنا المفيد ذكر ذلك أيضا في كتاب المقالات الذي صنفه ومذهب السيد المرتضى ومقالته في ذلك فأشهر من أن يذكر، وما أظن خفي على هذين السيدين الأوحدين العالمين مقالة أهل مذهبهما بل ربما لم يكن لأصحابنا في المتقدمين والمتأخرين أقوم منهما بمعرفة المقالات وتحقيق أصول المذهب ومعرفة الرجال، وخصوصا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله فإنه خريت هذه الصناعة.
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في عدته: والذي أذهب إليه أن خبر الواحد لا يوجب العلم وكان يجوز أن ترد العبارة بالعمل به عقلا، وقد ورد جواز العمل به في الشرع إلا أن ذلك موقوف على طريق مخصوص وهو ما يرويه من كان من الطائفة المحقة ويختص بروايته ويكون على صفة يجوز معها قبول خبره من العدالة وغيرها.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: راوي الرواية التي اعتمدها رحمه الله هو إسماعيل بن أبي زياد السكوني ما حصلت فيه الطريق التي راعاها شيخنا ولا الصفة التي اعتبرها، بل هو عامي المذهب ليس هو من جملة الطائفة وهو غير عدل عنده بل كافر، فكيف اعتمد على روايته وهو لا يقول بذلك؟ وإن كان يعمل في بعض مقالاته على أخبار الآحاد بل يراعى أن يكون