والكفار على اختلافهم يتوارث بعضهم من بعض لأن الكفر كالملة الواحدة لقول أبي عبد الله ع: لا يتوارث أهل ملتين نحن نرثهم ولا يرثونا، فجعل من خالف الاسلام ملة واحدة.
والمسلم الذي يولد على فطرة الاسلام ثم ارتد فقد بانت منه امرأته ووجب عليها عدة المتوفى عنها زوجها وقسم ميراثه بين ورثته، وتستحق الزوجة سهمها معهم لأنه بحكم الميت فكأنه قد مات وهي زوجته ما فارقها إلا بالموت فكأنه قد مات عن زوجة، ولا يستتاب بل يقتل على كل حال فإن القتل قد تحتم عليه، فإن لحق بدار الحرب ثم مات وله أولاد كفار وليس له وارث مسلم كان ميراثه لإمام المسلمين.
ومن كان كافرا فأسلم ثم ارتد عرض عليه الاسلام فإن رجع إليه وإلا ضربت عنقه، وتعتد امرأته منه عدة المطلقة دون عدة المتوفى عنها زوجها لأنها بانت منه قبل موته، وتلك ما بانت منه إلا بعد موته الذي هو ارتداده الذي هو بمنزلة موته، فإن قتل أو مات وزوجته في العدة ورثته مع وراثه المسلمين ووجب عليها استئناف عدة المتوفى عنها زوجها مذ يوم مات، لأنه لو تاب ورجع إلى الاسلام قبل خروجها من عدتها كان أملك بها بالعقد الأول، فإن ماتت في العدة لم يرثها وهو على حال الكفر - لأنا قد بينا أن الكافر لا يرث المسلم والمسلم يرث الكافر - ولا يجب عليها على جميع الأحوال إلا عدة المطلقة دون المتوفى عنها زوجها، ما عدا الموضع الذي ذكرناه واستثنيناه من وجوب استئناف عدة الوفاة، لأنه لو تاب وهي في العدة كان أملك بها، وإنما يجب على من مات زوجها وهي في عدة يكون بها أملك أن تستأنف عدة المتوفى عنها زوجها، لقوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا، وهذا قد وذر زوجة لأن المعتدة عدة رجعية عندنا بغير خلاف بيننا زوجة، وهذا المرتد الذي ارتد لا عن فطرة الاسلام لا يقسم ماله بين ورثته إلى أن يموت أو يقتل ولو لحق بدار الحرب، بل يوقف وهو على ملكه ما زال عنه بارتداده.
وقال شيخنا في نهايته: ومن كان كافرا فأسلم ثم ارتد عرض عليه الاسلام فإن رجع إليه وإلا ضرب عنقه، فإن لحق بدار الحرب ولم يقدر عليه اعتدت منه امرأته عدة المطلقة ثم يقسم ميراثه