سواهم لأنهم استحقوا الميراث دون من عداهم من سائر الناس لأنه لا وارث له مسلم سواهم، ولو لم يكن كذلك ما جاز لهم قسمة الميراث بينهم ثلثين وثلثا، ولا سوع لهم الشارع ذلك.
فعلى هذا التحرير والتقرير إذا بلغ الأولاد واختاروا الاسلام لا يجب على الإخوة رد شئ من الميراث إليهم بحال، ولا يجب لهم النفقة أيضا قبل البلوغ، ولا يلزم الإخوة ذلك بحال على الأصل الذي أصلناه وقررناه لأن الأولاد حكمهم حكم آبائهم فيما يجري عليهم من الأحكام الشرعيات لأنهم لا يدفنون في مقابر المسلمين لو ماتوا قبل البلوغ، ولا إذا قتلهم قاتل من المسلمين يقاد بهم، ولا ديتهم ديات المسلمين، بل حكمهم في جميع ذلك أحكام الكفار، كما أن في المسألة الثانية لا يرثه الإخوة المذكورة بل ورثه أولاده الأطفال دون أخوته لأنهم بحكم أبيهم المسلم، فلأجل ذلك إذا بلغوا ولم يختاروا الاسلام كان حكمهم حكم المرتدين عن فطرة الاسلام، والأولاد في المسألة الأولى لا يقهرون على الاسلام، ولا إذا اختاروا الكفر كان حكمهم حكم المرتدين عن فطرة الاسلام، ولا حكم المرتد الذي كان كافرا ثم أسلم لأنهم بحكم الكفار الأصليين، فليلحظ ذلك فإن فيه لبسا على من لم ينعم النظر، وإنما الرواية من أخبار الآحاد أوردها شيخنا في نهايته إيرادا كما أورد أمثالها مما لا يعمل به.
والمسلم إذا كان له أولاد ذميون وقرابة كفار ومولى نعمة مسلم أو مولى تضمن جريرة أو مولى إمامة فإن ميراثه للمولى المسلم دون أولاده وقراباته الكفار.
والمسلمون يرث بعضهم بعضا وإن اختلفوا في الآراء والمذاهب والاعتقادات والديانات والمقالات، لأن الذي به يثبت الموارثة: إظهار الشهادتين، والإقرار بأركان الشريعة من الصلاة والزكاة والصوم والحج دون فعل الإيمان الذي يستحق به الثواب وبتركه العقاب.
وقد يوجد في بعض نسخ المقنعة في باب أهل الملل المختلفة والاعتقادات المتباينة: ويرث المؤمنون أهل البدع من المعتزلة والمرجئة والحشوية ولا ترث هذه الفرق أحدا من أهل الإيمان، كما يرث المسلمون الكفار ولا يرث الكفار أهل الاسلام، والأول هو المذهب المحصل والقول المعول عليه والمرجوع إليه.