سبحانه نص فيها على أن سبب استحقاق الميراث القربى وتداني الأرحام، وإذا ثبت ذلك وكانت البنت أقرب من العصبة وجب أن تكون أولى بالميراث، ويدل أيضا على أنه لا يجوز إعطاء الأخت النصف مع البنت قوله تعالى: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، فشرط في استحقاقها النصف عدم الولد وفقده، فوجب أن لا يستحقه مع البنت لأنها ولد، ويدل على بطلان تخصيص الرجال بالإرث دون النساء قوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا، فأوجب سبحانه للنساء نصيبا كما أوجب للرجال من غير تخصيص، فمن خص الرجال بالميراث في بعض المواضع فقد ترك الظاهر فعليه الدلالة، ولا دلالة يقطع بها على ذلك ولا يلزمنا مثل ذلك إذا خصصنا البنت بالميراث دون العصبة لأن الاستواء في الدرجة مراعى مع القرابة، بدليل أن ولد الولد لا يرث مع الولد للصلب وإن شمله اسم الرجال إذا كان من الذكور، واسم النساء إذا كان من الإناث.
وإذا ثبت ذلك وكان هو المراد بالآية وورث المخالف العم دون العمة مع استوائهما في الدرجة، كان ظاهر الآية حجة عليه دوننا، على أن التخصيص بالأدلة غير منكر وإنما المنكر أن يكون ذلك بغير دليل.
فإن قالوا نحن نخص الآية التي استدللتم بها بما رواه ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي ع من قوله: يقسم المال على أهل الفرائض على كتاب الله فما أبقت فلأولي ذكر قرب، ونورث الأخت مع البنت بما رواه الهذيل بن شرحبيل من أن أبا موسى الأشعري سئل عمن ترك بنتا وبنت ابن وأختا لأب وأم فقال: للبنت النصف وما بقي فللأخت، وبما رواه الأسود بن يزيد قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله ص فأعطى البنت النصف والأخت النصف ولم يورث العصبة شيئا.
فالجواب: إن ترك ظاهر القرآن لا يجوز بمثل هذه الأخبار لأن أول ما فيها أن الخبر المروي عن ابن عباس لم يروه أحد من أصحاب الحديث إلا من طريق ابن طاووس ومع هذا فهو مختلف اللفظ، فروي على ما تقدم، وروي: فلأولي عصبة ذكر، وروي: فلأولي رجل ذكر وكل