وهذا الذي حكيناه عن بعض أصحابنا فيه نظر، والمعتمد في الاستدلال على ما قدمناه أولا وحررناه فإنه أحسم للشغب، وهذا اختيار السيد المرتضى في الناصريات فإنه قال في المسألة التسعين والمائة: الفرائض لا تعول، ولو مات رجل وخلف أبوين وبنتين وزوجة فللزوجة الثمن وللأبوين لكل واحد منهما السدس وما بقي فللبنتين، هذا صحيح وذهب أصحابنا بلا خلاف إلى: أن الفرائض لا تعول، ووافقنا على ذلك ابن عباس، وداود بن علي الإصفهاني، وخالفنا باقي الفقهاء، وتحقيق هذه المسألة أن تكون السهام المسماة في الفريضة يضيق عنها المال ولا يتسع لها، كامرأة خلفت ابنتين وأبوين وزوجا فللزوج الربع وللبنتين الثلثان وللأبوين السدسان، وهذا مما يضيق عنه المال لأنه لا يجوز أن يكون للمال ثلثان وسدسان وربع.
وعندنا في هذه المسألة أن للأبوين السدسين وللزوج الربع وما بقي فللبنتين، ومخالفونا الذين يذهبون إلى العول يجعلون للزوج الخمس ثلاثة أسهم من خمسة عشر، وللأبوين السدسان أربعة من خمسة عشر، وللبنتين الثلثان ثمانية من خمسة عشر، فقد نسب مخالفونا في العول إلى الله تعالى ما لا يليق بحكمته وعدله وجميل صفاته، لأنه لا يجوز أن يفرض في المال ما لا يتسع المال له فذلك سفه وعبث، لأن الله تعالى فرض للأبوين السدسين في هذه المسألة وأعطوهما أربعة من خمسة عشر وهذا خمس وثلثا عشر لا سدسان، وفرض للزوج الربع وأعطوه ثلاثة من خمسة عشر وهذا خمس لا ربع، وفرض للبنتين الثلثين فأعطوهما ثمانية من خمسة عشر وهذا ثلث وخمس لا ثلثان.
فإن قالوا: فلم أدخلتم النقصان في هذه المسألة على البنتين دون الجماعة والله تعالى قد سمى للبنتين الثلثين كما جعل للواحدة النصف؟
قلنا: المعتمد في إدخال النقص على نصيب البنتين في هذه المسألة وما شاكلها من المسائل التي يدعى فيها العول، أنا نقصنا من أجمعت الأمة على نقصانه من سهامه وهم البنتان، لأنه لا خلاف بين من أثبت العول وبين من نفاه في أن البنتين منقوصتان هاهنا عن سهامهما التي هي الثلثان وليس كذلك من عدا البنتين من الأبوين والزوج لأن الأمة ما أجمعت على نقصانهم ولا قام على ذلك دليل، فلما اضطررنا إلى النقصان وضاقت السهام عن الوفاء نقصنا من وقع الاجماع على نقصانه ووفرنا نصيب من لا دليل على وجوب نقصانه، فصار هذا الاجماع دليلا على