لأن الأمة بأجمعها تذهب إلى أن البنت أو البنتين منقوصات، وما أجمعت على أن الأبوين والزوج منقصون بل أجمعت على أنهم هاهنا مسمون بظاهر التنزيل فعملنا بالقرآن هاهنا وخصصنا البنات بالنقص وإن كن مسميات بالإجماع من الأمة، وليس معنا في حق الأبوين والزوج إجماع منعقد بحيث نخصصهم به فوفينا الظاهر حقه وعملنا بكتاب الله وبإجماع الأمة، وهذه من مسائل العول التي يذهب المخالفون فيها إلى إدخال النقص على جميع ذوي السهام ويشبهون ذلك بمن مات وعليه ديون لا تتسع تركته لوفائها، والعول في اللغة عبارة عن الزيادة والنقصان معا، فإن أضيف هاهنا إلى المال كان نقصانا وإن أضيف إلى السهام كان زيادة.
ودليلنا على ما ذهبنا إليه إجماع أهل البيت عليه، وأيضا فلا خلاف أن النقص هاهنا داخل على البنات على ما قدمناه، ولا دليل على دخوله هاهنا على من عداهن من إجماع ولا غيره فوجب البقاء فيهم على الأصل الذي اقتضاه ظاهر القرآن ومحكم التبيان، وأيضا فدخول النقص على جميع ذوي السهام تخصيص لظواهر كثيرة من القرآن وعدول عن الحقيقة فيها إلى المجاز، ودخوله على البعض رجوع عن ظاهر واحد فكان أولى.
فإذا ثبت أن نقص البعض أولى ثبت أنه الذي عيناه لأن كل من قال بأحد الأمرين قال بالآخر، والقول بأن المنقوص غيره مع القول بأن نقص البعض أولى خروج عن الاجماع.
وفي أصحابنا من يقول في هذا الموضع: إن الله تعالى إنما فرض للبنتين الثلثين مع الأبوين فقط إذا لم يكن غيرهم، فإذا دخل في هذه الفريضة الزوج تغيرت الفريضة التي سمى فيها الثلثين للبنتين كما أنه لو كان مكان الزوج ابن لتغيرت القسمة ولم يكن للابنتين الثلثان.
وقال أيضا أعني بعض أصحابنا: إن الزوج والزوجة جعل لهما في الكتاب فرضان أعلى وأسفل وحطا من الأعلى إلى الأدون، وكذلك جعل للأبوين فرضان أحدهما أعلى وهو الثلثان للأب والثلث للأم ثم بين أنهما إذا حجبا عن ذلك حطا إلى السدسين، وفرض للابنة النصف وللابنتين الثلثين ولم يحط البنات من فريضة إلى أخرى، فيجب إدخال النقص على سهام من لم يلحقه نقص ولا حط من رتبة إلى رتبة أخرى، ويوفر نصيب من نقص وحط من رتبة عليا إلى رتبة سفلي حتى لا يلحقه نقص بعد نقص آخر فيكون ذلك إجحافا به.