يرفضه ويعلم ويقر بان تلك الصور الحسان والشمائل والفضائل التي كانت تراها على ذلك الشخص ليست محبوسة فيه ثابته له محصوره عنده بل مرسومه في جوهرها متصورة في ذاتها باقيه ثابته على حاله واحده لم تتغير وانما ذلك الشخص كان دليلا عليها كغيره من الاشخاص الصنمية التي تكون دلائل على الأنوار العقلية ومظاهر للمعاني النورية فإذا فكر العاقل اللبيب فيما وصفناه استيقظت نفسه من نوم غفلتها واستفلت بذاتها وفازت بجوهرها واستغنت عن غيرها واستراحت عند ذلك من تعبها وعنائها ومقاساتها محبه غيرها وتخلصت من الشقاوة التي تعرض لعاشقي الأجسام ومحبي الاجرام من الأبدان الانسانية والدراهم والدنانير واليواقيت والدرر والضياء والعقار والبساتين والأشجار والثمار وغيرها من الداثرات البايدات وقد قال الله تعالى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا فإذا انتبهت النفس من نوم الغفلة واستيقظت من رقدة الجهالة وفتحت عين بصيرتها وعاينت عالمها وعرفت مبداها ومعادها لتيقنت ان المستلذات الجسمية والمحاسن المادية كلها كعكوس الفضائل العقلية وخيالات الأنوار الروحانية ليست لها حقيقة متأصلة وذات مستقلة بل كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاء ه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه.
تنوير رحماني ان الباري جل ثناؤه بمقتضى رحمته ولطفه جعل الأمور الجسمانية المحسوسة كلها مثالات دالات على الأمور الروحانية العقلية وجعل طريق الحواس درجا ومراقى يرتقى بها إلى معرفه الأمور العقلية التي هي الغرض الأقصى في وقوع النفس في دار المحسوسات وطلوعها عن أفق الماديات وكما أن المحسوسات فقراء الذوات إلى العقليات لكونها رشحات لأنوارها وأظلالا لأضوائها فكذلك معرفه الجسمانيات المحسوسة هي فقر النفس وشده حاجتها ومعرفة الأمور العقلية هي غنائها ونعيمها وذلك (1) ان النفس