حقيقة النفس لا من حيث (1) ان البدن استدعاها بل من حيث عدم انفكاكها عما استدعاه البدن فالبدن استدعى بمزاجه الخاص امرا ماديا لكن جود المبدء الفياض اقتضى ذاتا قدسية وكما أن الشئ الواحد يكون جوهرا وعرضا باعتبارين كما مر فكذلك قد يكون امر واحد مجردا وماديا باعتبارين فالنفس الانسانية مجرده ذاتا مادية فعلا فهي من حيث الفعل من التدبير والتحريك مسبوقة باستعداد البدن مقترنة به واما من حيث الذات والحقيقة فمنشأ (2) وجودها جود المبدأ الواهب لا غير فلا يسبقها من تلك الحيثية استعداد البدن ولا يلزمها الاقتران في وجودها به ولا يلحقها شئ من مثالب الماديات الا بالعرض فهذا ما ذكرته في دفع ذلك الايراد على تلك القاعدة فانظر اليه بنظر الاعتبار إذ مع وضوحه لا يخلو عن غموض ويمكن تأويل ما نقل عن أفلاطون الإلهي في باب قدم النفس اليه بوجه لطيف.
(٤٣)