الباب التاسع في شرح بعض ملكات النفس الانسانية وأفعالها وانفعالاتها ومنازل الانسان ومقاماته وان قواه بعضها ارفع وجودا وأقل قبولا للتجزي من بعض وفيه فصول فصل (1) في خواص الانسان فمنها النطق اعلم أن من عظيم حكمه الله في خلق الانسان من العناصر والأركان احداثه الموضوعات اللغوية فيه والداعي إلى ذلك أن الانسان مفتقر في معيشته الدنياوية إلى مشاركه ما ومعاونه من بنى نوعه فان الواحد من الانسان لو تفرد في وجوده عن افراد نوعه وجنسه ولم يكن في الوجود الا هو والأمور الموجودة في الطبيعة لهلك سريعا أو ساءت معيشته لحاجته في معيشته إلى أمور زائدة على ما في الطبيعة مثل الغذاء المعمول والملبوس المصنوع فان الأغذية الطبيعية غير صالحه لاغتذائه والملابس الطبيعية أيضا لا تصلح له الا بعد صيرورتها صناعية باعمال إرادية فلذلك يحتاج إلى تعلم بعض الصناعات حتى تحسن معيشته والشخص الواحد لا يمكنه القيام بمجموع تلك الصناعات بل لا بد من مشاركه ومعاونه بين جماعه حتى يخبز هذا لذاك وذاك ينسج لهذا وهذا ينقل لذاك وذاك يعطيه بإزاء عمله اجره فلهذه الأسباب وأمثالها احتاج الانسان في المعاملات وغيرها ان يكون له قوه على أن يعلم الاخر الذي هو شريكه بما في نفسه بعلامة وضعية وأصلح الأشياء لذلك هو الصوت لأنه ينشعب إلى حروف يتركب منها تراكيب كثيره من غيره مؤونة يلحق البدن والصوت من الأمور الضرورية للانسان لتنفسه المضطر إليه في ترويح حراره القلب وأيضا الهيئات الصوتية لا يثبت ولا يدوم عدده فيؤمن (*)
(٧٨)