الافعال البدنية وعدم الالتفات إليها كما أن الفاتر من الماء لا حار ولا بارد وهياه الاستعلاء والرفع ليست غريبه عن طبع النفس بل الملائم لطبعها هو التجرد والتفرد بذاتها والهيأة الاذعانية كأنها غريبه عن ذاتها العقلية مستفادة من المادة التي تعلقت بها فسعادة النفس وكمالها هو الوجود الاستقلالي المجرد والتصور للمعقولات والعلم بحقائق الأشياء على ما هي عليها ومشاهده الأمور العقلية والذوات النورانية ولا تقاس هذه اللذات إلى ما يناله الحس من اللذات المكدرة والمشتهيات الجرمية الداثرة والمرغوبات الكثيفة الزائلة وسبب خلونا وعدم وجداننا لذه العلوم والمعارف التي قد حصلناها ونحن في شغل البدن هو مثل التخدير الحاصل لقوه الذوق بواسطة (1) مرض بوليموس فيعوقها عن نيل لذه الطعوم والحلاوات الموجودة عندها فلو فرض حصول المعارف العقلية التي هي مقتضى طباع القوة العقلية وخاصيتها والنفس غير مستغرقة في شغل البدن ولا مشتغلة بما تورده الحواس لكانت لذه النفس بها لذه لا يدرك الوصف كنهها فإنما لا يشتد الشوق والابتهاج من العرفاء بمعارفهم في هذا الان لعدم الذوق والوجدان التام فان اللذيذ هو وجود الملائم الخارجي لا مفهومه أو وجوده الذهني وانما الحاصل عند النفس هاهنا من المعلومات العقلية هو نحو وجودها الضعيف الذهني وانما ضعف وجودها الذي للنفس لضعف ادراك النفس لها اما لغمورها في البدن واما لضعف تحصيل النفس إياها كما يكون بطريق الظن والقياس الغير المنتج لليقين والا فهي قوية الوجود شديده الظهور والوضوح بحسب أنفسها لكن هذه المعرفة الضعيفة من النفس إذا كان ضعفها من جهة البدن لا من ضعف التحصيل وعدم البراهين والحدود الذاتية تؤدى بعد رفع غشاوة البدن إلى مشاهده المقربين ومصاحبة القديسين
(١٢٨)