فصل (7) في بيان السعادة والشقاوة الحسيتين الأخرويتين دون العقليتين الحقيقيتين ان النفوس الجاهلة جهلا بسيطا دون ما هو مضاد للحق ان كانت هيولانية محضه ولم تحدث هياه عقلية ولا علم أولى ففي بقائها وقع التردد والاختلاف بين الفلاسفة والمنقول من الإسكندر الافروديسي وهو من أعاظم تلامذة معلم المشائيين القول بعدمها وفسادها والشيخ الرئيس أيضا مال إلى هذا الرأي في بعض رسائله الموسومة بالمجالس السبعة وقد أشرنا إلى أن النشأة الآخرة لو كانت منحصرة في النشأة العقلية لكان القول ببطلان هذه الساذجة لازما اضطراريا لان وجود الشئ في كل نشأة انما يكون بصورته لا بهيولاه لكن قد علمت أن بعد هذه النشأة التعلقية المتجددة الكائنة الفاسدة عالمان صوريان مستقلان باقيان غير داثرين أحدهما دار المعقولات والثاني دار المحسوسات الصرفة التي لا مادة لها ولا حافظ إياها الا النفس لان وجودها وجود ادراكي وهو نفس محسوسيتها والمحسوس بما هو محسوس وجوده بعينه وجوده للجوهر الحاس وهو النفس فالنفس هي الحافظة والمبقية للصور الحسية هناك من غير مادة كما أن العقل هو الحافظ المبقي بإذن الله للنفس من غير حامل أو بدن فلا حاجه للأشياء الموجودة في هذا العالم الا بأسبابها (1) الفاعلة وجهاتها دون الأسباب القابلة والقوى والاستعدادات فاذن هذه النفس باقية بعد البدن ولم يترسخ فيها هيئات بدنية ورذائل نفسانية حتى تكون متأذية بها معذبة بسببها لمنافاتها ومضادتها لجوهر النفس من حيث فطرتها الأصلية النورانية ولا يمكن أيضا أن تكون معطلة لا تفعل ولا تنفعل إذ لا معطل في الوجود فلها بقدر حظها من الوجود حظ من اللذة والسعادة وقد مر ان الوجود لذيذ ان حصل وكماله ألذ وهذه النفس وجودها لها لا لشئ آخر لكونها غير مادية فاللذة حاصله لها بقدر وجودها ووجود ما معها إن كان بلا مانع أو مشوش لكنها ضعيفه
(١٤٧)