فلم يقع له في صدور أفعاله وظهور معانيه وحالاته حاجه إلى مواد وآلات عديده.
قلنا صفات العقل وكمالاته تنزل منه إلى المواد الخارجية على سبيل الإفاضة والايجاد من غير أن يتأثر منها أو ينفعل ويستكمل بسببها واما النفس فليس لها ان تستقل بذاتها وتتبرء عن التغير والانفعال من خوادمها وآلاتها الا بعد أن تصير عقلا محضا ليس له جهة نقص ولا كمال منتظر واما قبل ذلك فهي ذات أطوار مختلفه تحتاج إلى كلها فتارة في مقام الحس والطبيعة وتارة في مقام النفس والتخيل وطورا في مقام العقل والمعقول وهذا حالها ما دامت متعلقه الذات بهذا البدن الطبيعي فإذا انقطعت عن هذا العالم كان مقامها اما المقام العقلي المجرد ان كانت من الكاملين في العلم والعمل واما المقام الثاني المثالي الأخروي ان لم يكن كذلك على اختلاف أنواعها بحسب غلبه الملكات والأحوال وتصورها بصوره ما يناسبها من الأنواع الأخروية فصل (6) في ضعف ما قاله صاحب المطارحات في هذا المقام دفعا لما قيل في تكثر القوى من غير أن يرجع إلى ذات واحده كما بزغ نور الحق عليك من أفق تباينه حسب ما نبهناك عليه مرارا اعلم أن بعض المكثرين لمبادئ الافعال الصادرة عن الانسان التي بعضها جسمانية وبعضها روحانية قال بما حاصله ان النفس وقواها لو كانت شيئا واحدا لوجب ان يكون من شانها مخالطه المادة تارة وذلك عندما يتصرف في الغذاء وينمى ويولد ويدرك ادراك الجسمانيات والتجرد عنها تارة أخرى وذلك عند ادراك المعقولات (1) وهو ممتنع وأيضا كان يجب ان يكون جميع الأشياء المحفوظة في خزانتها مشاهده لها ابدا كما هو حال القوة العقلية بالفعل (2).