الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٨٦
فصل (2) في أوصاف النفس الانسانية ومجامع أخلاقها واختلافها في الشرف والردائة أكثر الاختلاف الواقع في الصفات الانسانية (1) راجع إلى قوه النفس وشرفها ومقابلها أعني الضعف والخسة وهذا شئ يستفاد من تضاعيف ما ذكرناه في أحوال الوجود وان شدته وضعفه مما يوجب اختلاف الأشياء ذاتا وصفه فنقول ان النفوس الانسانية لها تفاوت عظيم في الكمال والنقص والشرف والخسة فالنفس القوية منها هي الوافية بصدور الافعال العظيمة منها والشديدة في أبواب كثيره لما مر من جامعيتها للنشئات الوجودية والنفس الضعيفة في مقابلها.
مثال ذلك انا نشاهد نفوسا ضعيفه يشغلها فعل عن فعل فإذا انصبت إلى الفكر اختل احساسها أو إلى الاحساس اختل فكرها وإذا اشتغلت بالتحريكات الإرادية اختل امر ادراكها وترى (2) نفوسا قوية تجمع بين أوصاف من الادراكات والتحريكات سيما

(1) بين النفس القوية وبين الشريفة عموم من وجه كما بين الضعيفة والخسيسة والكاملة منها الجامعة بين الشرف والقوة ولا سيما القوية بما هي عقل ثم الشريفة فحسب ثم القوية فقط وانما قال وأكثر الاختلاف احترازا عن الاختلاف العددي بنحو التساوي س ره (2) كمن يشم شيئا ويسمع شيئا ويكتب شيئا ونحو ذلك ولا يخلط ويميز بينها ويشعر بمزاياها والحس المشترك للجميع آية لمن لا يشغله شان عن شان فإنه ولا سيما على مذهب المصنف قدس سره وهو التحقيق من أن ادراك الجزئيات بالانشاء وفعالية النفس إذا كان بمحضره مبصر ومسموع ومشموم وفي ذائقته مطعوم وفي لامسته ملموس يدرك الكل دفعه واحده والعقل البسيط الذي هو خلاق للعقول التفصيلية أعني ملكه العلوم يدرك الكل دفعه واحده دهرية وان لم يخطر بخياله تفصيلا زمانيا بدليل انه إذا سئل صاحب هذا العقل أسئلة شتى رأى في نفسه جواب الكل رؤية واحده والذي يحسب أنه ليس له هذا العلم الا حين التفصيل وانه بالقوة قبله الا انه بالقوة القريبة بخلاف الأمي الجاهل فإنه عنده بالقوة البعيدة يخلط عدم علم الخيال بعدم علم العقل وعدم العلم بصور كثيره بعدمه بصوره واحده هي الوجود الشديد الأكيد النوري الجمعي الذي هو ظاهر بالذات ومظهر لماهيات العلوم وتعينات المسائل بنحو واحد بسيط لنفس ذلك العقل وان لم يظهر لغيره الذي هو خيال نفسه وحس نفسه فضلا عن غيره ومعلوم ان تمام ذات الانسان ليس خياله وحسه بل أعلى مراتبه هذا العقل وجميع قواه يستمد منه وليس هذا علما اجماليا بحسب العقل إذ الوجود نور وكلما كان أشد واجمع كان انارته للتعينات أقوى فان يد الله تعالى مع الجماعة فإذا كانت الماهيات ظاهره متميزة بالوجودات المتكثرة المتفرقة كانت متميزة أشد تميز وتفصيل بالوجود الواحد الجمعي كما أن كل الأعيان الثابتة معلومه لله تعالى في الأزل بعلم تفصيلي أتم تفصيل س ره
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست