الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٧٠
للأرواح غير أن حياه الأرواح تظهر لها في الأجسام بانتشار ضوئها فيها وظهور قواها وحياه الأجسام الذاتية ليست كذلك إذ ما خلقت مدبره فبحياتها الذاتية تسبح ربها دائما لأنها صفه ذاتية سواء كانت الأرواح فيها أو لا وما يعطيها أرواحها فيها الا هياه أخرى عرضية في التسبيح بوجودها وإذا فارقها الروح فارقها ذلك الذكر الخاص فيدرك المكاشف الحياة التي في الأجسام كلها وإذا اتفق على أي جسم كان امر يخرجه عن نظامه مثل كسر آنية أو كسر حجر أو قطع شجر فهو مثل قطع يد انسان أو رجله تزول عنه حياه الروح المدبرة له ويبقى عليه حياته الذاتية له فإنه لكل صوره في هذا العالم روح مدبره وحياه ذاتية تزول الروح بزوال تلك الصورة كالقتل وتزول الصورة بزوال ذلك الروح الصورة كالميت التي مات على فراشه ولم يغرب عنقه والحياة الذاتية التي لكل جوهر غير زائلة انتهى كلامه.
أقول يجب ان يعلم (1) ان الكشف والبرهان شاهدان على أن الجسم الذي حياته

(1) أقول لعمري ان ما ذكره الشيخ تحقيق بالغ يليق ان يكتب بالتبر لا بالحبر وحاصله ان الحياة قد تطلق ويراد بها مبدء الدرك والفعل كما يقال الحي هو الدراك الفعال وهي التي نسبوها إلى الأرواح وهي ذاتية للأرواح عرضية للأجسام وقد تطلق ويراد بها الوجود الحقيقي البسيط المبسوط وكفاك شاهدا تسميتهم الوجود المنبسط بالحياة السارية في كل شئ وقد مر من المصنف قدس سره غير مره والحياة بهذا المعنى هي التي جعلها الشيخ العربي ذاتية للأجسام الموجودة وهذا كذلك كيف والجسم موجود والوجود حياه في كل بحسبه وما اتفق عظماء الفلاسفة عليه من أن الأجسام داثرة هالكة أو أموات أو غواسق انما هو باعتبار الحياة بالمعنى الأول فإنها عرضية وارده عليها من قبل الأرواح فتصيرها ذوات حياتين وذكرين كما قال الشيخ والعجب من المصنف قدس سره انه ينادى في هذا الكتاب وفي غيره بان الحياة والعلم والإرادة والعشق ونحوها توابع الوجود بل عينه مصداقا وهوية وانها كالوجود في كل بحسبه وهنا كذب الشيخ بل كذب نفسه وانى أيدت ونورت هذه القاعدة الشامخة كثيرا بوجود النفوس الناطقة وان عين علمها بذاتها لذاتها وعين الحياة والنور وعين ارادتها بذاتها لذاتها وعشقها بذاتها لذاتها وقدرتها بذاتها على شؤونها وفنونها وقواها وصورها ومظهرها ومجلاها وغير ذلك من الكمالات بل النفوس عنده قدس سره وعند بعض المحققين ليست الا الوجود وما جعله الشيخ حياه أيضا من الصور الطبيعية في الأحجار والصور الصناعية في الأواني انما هي بمعنى الوجود أيضا الا انها أيضا عرضية لزوالها وما قال إن الأجسام ذاكره مسبحة لله حققه المصنف قدس سره في أوائل الأمور العامة وقد أحققت ذلك في الحواشي وبالنظر إلى اسقاط الإضافات تسبيحها منطو في تسبيحه كما قال تعالى وان من شئ الا يسبح بحمده أي بتسبيحه لذاته س ره
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست