الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ١٠٨
بتوسط الحواس وهي قوه لا تتجزى لأنها لا تفعل فعلها باله لشدة روحانيتها ولذلك صارت الحسائس كلها ينتهى إليها فتعرف الأشياء التي تؤدى إليها الحسائس وتميزها معا من غير أن تنفعل آثار الأشياء المحسوسة فلذلك صارت هذه القوة تعرف الأشياء المحسوسات وتميزها معا في دفعه واحده انتهى قوله.
أقول ان ما ذكره تحقيق شريف نافع جدا ينتفع به في كثير من المطالب منها اثبات (1) المعاد الجسماني وحشر الأجساد كلها حتى النبات والجماد ومنها كيفية ارتباط (2) المعلومات بعللها ومنها كيفية بقاء (3) الانسان مع تبدل ذاته في كل آن وهي التي عجز عن دركها الشيخ الرئيس بفرط ذكائه وشده فهمه ولطافه طبعه فقال عند سؤال بهمنيار عنه في تجويز تبدل الذات لا يلزمني جوابك لأني لست بمسؤول عنه حين الجواب.
واعلم أن هذه الدقيقة وأمثالها من احكام الموجودات لا يمكن الوصول إليها الا بمكاشفات باطنية ومشاهدات سرية ومعاينات وجودية ولا يكفي فيها حفظ القواعد البحثية واحكام المفهومات الذاتية (4) والعرضية وهذه المكاشفات والمشاهدات لا تحصل الا

(1) إذ هذا البدن الدنيوي طبيعي ظلماني والبدن الأخروي صوري علمي ان الدار الآخرة لهي الحيوان ومع التفاوت بحسب النشأة أحدهما هو الاخر وحشر ذلك حشر هذا فان المشخص هو النفس وهي فيهما واحده كما يأتي س ره (2) إذ فهم من كلماته سابقه ولاحقه ان بينونتهما صفتية لا عزلية ولهذا وحده العلة وثباتها وحده المعلول وثباته حتى أن عند ذوق المتألهين أي القائل بان وجود الممكن بالانتساب إلى الواجب تشخصه بالفاعل وعندنا التشخص بالفاعل معناه انه بوجود من صقع الفاعل فإنه ربط محض به ومتقوم تقوما وجوديا به س ره (3) وذلك لان النفس أصل محفوظ له باعتبار ذاتها.
وأيضا التبدل على سبيل الاتصال والاتصال الوحداني مساوق للوحدة الشخصية وأيضا باق باعتبار الهيولى المستبقاة بواحد بالخصوص وبواحد بالعموم وباعتبار وجه الله الباقي س ره (4) أي الحدود والرسوم يعنى لا يكفي حفظ مفهوم العقل الفعال مثلا وانه غير محتاج إلى المادة ذاتا وفعلا وانه لا حالة منتظرة له وان له كليه بالنسبة إلى العقول بالفعل الجزئية وغير ذلك من ذاته واعراضه وان صار ذلك العلم ملكه بل لا بد وان تصير النفس غنية عن البدن وقواه نافيه للأغراض الجزئية مترفعة عن الغايات الوهمية محصله للسعة الوجودية متصلة به باقية ببقائه بل ببقاء الله لان العقل الكلى كلمه الله وقدره الله ومشية الله وبالجملة تخلقوا بأخلاق الروحانيين بل بأخلاق الله س ره
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست