تصوير الحقائق وتمثيل الأمور الأخروية لكان الامر كما ذكره لكن المقصود منها تمثيل الحقائق وتصوير النشأة الباقية فلا يلزم ما ذكره والا فجميع باب التمثيل يلزم ان يكون اضلالا.
ومنها ما تشبث به أكثر الطبيعيين والدهريين المتشبهين بالفلاسفة ان حدوث الانسان وغيره من المركبات العنصرية لا يكون الا من الأسباب السماوية والقوابل الأرضية وبأعداد حركات فلكية واستحالات مادية وانقلابات زمانية تحتاج إلى مضى أزمنة ودهور كثيره لان هذا مبلغهم من العلم حيث لم يرتفع نظرهم من هذه النشأة الطبيعية إلى نشأة أخرى يحصل الأشياء الصورية فيها بمجرد الأسباب الفاعلية لا جرم أنكروا طريق الوجود والايجاد الا على نهج التحريك والاعداد للاستعداد ولو يعلموا الفرق أيضا بين الوجودين اللذين للانسان فقاسوا الفطرة الثانية بالفطرة الأولى في جميع الأحكام وقد نبه الله تعالى في كثير من الآيات القرآنية على أن انشاء الآخرة وإيجاد الأمور الأخروية على وجه الإعادة كايجاد هذا العالم في الابتداء بمحض إفاضة الله تعالى كقوله كما بدانا أول خلق نعيده فكما ان وجود الأفلاك والكواكب والأركان ليس بحركة وزمان واستعداد واعداد لأسباب قابلية بل بعناية ربانية فكذلك حكم النشأة الأخروية لان الموجودات هناك صوره مستقلة الوجود بلا مادة فليس لها من الأسباب الا واهب الصور والصور هناك قائمه بالفاعل لا بالقابل كما مر مرارا.
ومنها ان الحشر وبعث الأبدان اما ان يقع لبعضها أو لجميعها فالأول ترجيح من غير مرجح لان استحقاق الثواب والعقاب مشترك بين الناس أجمعين فلا وجه لبعث البعض دون البعض والثاني يوجب التزاحم المكاني لأجساد الناس وحسابهم وكتابهم واليه الإشارة بقوله تعالى أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون فأزال الله تعالى هذا الاستبعاد والاستنكار بقوله تعليما لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم قل ان الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم فنبه تعالى (1) عباده بان لا تزاحم بين الأجساد في نحو الوجود الأخروي لما