فصل (3) في منازل الانسان ودرجاته بحسب قوى نفسه ان كل انسان بشرى باطنه كأنه معجون من صفات قوى بعضها بهيمية وبعضها سبعية وبعضها شيطانية وبعضها ملكية حتى يصدر من البهيمية الشهوة والشره والحرص والفجور ومن السبعية الحسد والعداوة والبغضاء ومن الشيطانية المكر والخديعة والحيلة والتكبر والعز وحب الجاه والافتخار والاستيلاء ومن الملكية العلم والتنزه أو الطهارة وأصول جميع الأخلاق هذه الأربعة وقد عجنت في باطنه عجنا محكما لا يكاد يتخلص منها وانما يخلص من ظلمات الثلاثة الأول بنور الهداية المستفاد من الشرع والعقل وأول ما تحدث في نفس الآدمي البهيمية فتغلب عليه الشهوة والشره في الضبي ثم تخلق فيه السبعية فتغلب عليه المعاداة والمناقشة ثم تخلق فيه الشيطانية فيغلب عليه المكر والخديعة أولا إذ تدعوه البهيمية والغضبية إلى أن يستعمل كياسته في طلب الدنيا وقضاء الشهوة والغضب ثم تظهر فيه صفات الكبر والعجب والافتخار وطلب العلو ثم بعد ذلك يخلق فيه العقل الذي به يظهر نور الايمان وهو من حزب الله تعالى وجنود الملائكة وتلك الصفات من جنود الشيطان وجند العقل يكمل عند الأربعين ويبدو أصله عند البلوغ واما سائر جنود الشياطين يكون قد سبق إلى القلب قبل البلوغ واستولى عليه وألفته النفس واسترسل في الشهوات متابعا لها إلى أن يرد نور العقل فيقوم القتال والتطارد في معركة القلب فان ضعف العقل استولى عليه الشيطان وسخره وصار في العاقبة جنود الشيطان مستقره كما سبقت إلى النزول في البداية فيحشر الانسان حينئذ مع إبليس وجنوده أجمعين وان قوى العقل بنور العلم والايمان صارت القوى مسخرة وانخرطت في سلك الملائكة محشورة إليها وما تدرى نفس باي ارض تموت
(٩٣)