فصل (6) في الامر الباقي من الانسان قد أشرنا إلى أن النفس إذا فارقت البدن بقي لها من البدن امر ضعيف الوجود فوقع في رواية الحديث النبوي التعبير عنه بعجب الذنب واختلفت العلماء في معناه فقيل هو العقل الهيولاني وقيل بل الهيولى وقال أبو حامد الغزالي انما هو النفس (1) وعليها تنشأ النشأة الآخرة وقال أبو يزيد الوقواقي هو جوهر فرد يبقى من هذه النشأة لا يتغير و قال الشيخ العربي في الفتوحات انه العين الثابت من الانسان وقال المتكلمون انه الاجزاء الأصلية وعندنا القوة الخيالية لأنها آخر الأكوان الحاصلة في الانسان من القوى الطبيعية والنباتية والحيوانية المتعاقبة في الحدوث للمادة الانسانية في هذا العالم وهي أول الأكوان الحاصلة له في النشأة الآخرة وبيان ذلك أن شيئا من أشياء الدنيا وموادها وصورها وقواها لا يمكن ان ينتقل بعينه وشخصه من هذه الدنيا إلى عالم الآخرة الا بعد تحولات وتكونات فالانسان لا يستعد للحشر الا بقوة كمالية هي صوره أخيرة للطبائع الكونية والصور الهيولانية وهي العنصرية والجمادية والنباتية والحيوانية اللمسية أولا ثم الذوقية ثم الشمية إلى السمعية والبصرية فإنه إذا حدث الانسان فأول ما يحدث فيه بعد العنصرية والجمادية قوه بها يغتذى وهي القوة الغاذية ثم من بعد ذلك القوة التي بها يحس الملموس وهي أوائل الكيفيات المحسوسة مثل الحرارة والبرودة وغيرهما ثم التي بها يحس الطعوم ثم التي بها يحس الروائح ثم التي بها يحس الأصوات والتي بها يحس الألوان والمبصرات كلها مثل
(٢٢١)