الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٢٤
ومنها ان المادة الدنيوية إذا أزيلت صورتها عنها فتحتاج في استرجاعها إلى استيناف تأثير من سبب خارجي مصور للمادة بها تارة أخرى كصورة البياض والحلاوة وغيرهما إذا حصلت في مادة ثم زالت عنها فلا يكتفى ذات القابل بذاته في استرجاع تلك الصورة بخلاف القوة النفسانية إذا غابت عنها الصورة الحاصلة فيها فلا يحتاج في الاستحضار والاسترجاع إلى كسب جديد وتحصيل مستأنف بل يكتفى بذاتها ومقوماتها في ذلك الاستحضار لا إلى سبب منفصل واليه أشير بقوله تعالى لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه إشارة إلى أن الأسباب الاتفاقية غير حاصله في ذلك العالم وسلسلة الايجاد منحصرة في الأمور الداخلة الناشئة من المبدء الأول دون العرضيات والمعدات الخارجية الواقعة في عالم الاتفاقات والحركات المحصلة للاستعدادات كما قال تعالى الملك (1) يومئذ لله وقال فلا انساب بينهم فصل (8) في البعث اما البعث فهو خروج النفس عن غبار هذه الهيئات المحيطة بها كما يخرج الجنين من القرار المكين وقد مرت (2) الإشارة إلى أن القبر الحقيقي هو انغمار النفس

(1) هذا بملاحظة اسقاط الإضافات والنظر إلى الأصل المحفوظ وقوله تعالى لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه بالنظر إلى اثبات الإضافات والمراتب والكل درجات قدرته الفعلية وجهات فاعليته ففي عين انها تفعل هو يفعل والوجود على الاطلاق نوره وفيضه وفعله والخير بيده والشر ليس إليه س ره (2) وقد مر في الحاشية السابقة اقسام القبر وان أحدها هيئات الشواغل والأعمال النورية والظلمانية بل اظلال تلك الهيئات فالمراد بالقبر وبالمرقد في قوله تعالى من بعثنا من مرقدنا هذه الاظلال والهيئات المحيطة بالنفس بعد الموت وقبل القيام والشدة والتمام في الصور الأخروية ببعد العهد من الدنيا والاقبال على العقبى في جانبي اللطف والقهر واما البعث فهو هذا القيام والتمامية فان البعث لغة التنبيه من النوم وكما أن الدنيا منام في منام فالبرزخ منام والبعث هو التنبه منه والخروج من الصور الضعيفة واكتساء الصور القوية وأتمية القوى والمشاعر الأخروية من البرزخية س ره
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست