ومنها ان المادة الدنيوية إذا أزيلت صورتها عنها فتحتاج في استرجاعها إلى استيناف تأثير من سبب خارجي مصور للمادة بها تارة أخرى كصورة البياض والحلاوة وغيرهما إذا حصلت في مادة ثم زالت عنها فلا يكتفى ذات القابل بذاته في استرجاع تلك الصورة بخلاف القوة النفسانية إذا غابت عنها الصورة الحاصلة فيها فلا يحتاج في الاستحضار والاسترجاع إلى كسب جديد وتحصيل مستأنف بل يكتفى بذاتها ومقوماتها في ذلك الاستحضار لا إلى سبب منفصل واليه أشير بقوله تعالى لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه إشارة إلى أن الأسباب الاتفاقية غير حاصله في ذلك العالم وسلسلة الايجاد منحصرة في الأمور الداخلة الناشئة من المبدء الأول دون العرضيات والمعدات الخارجية الواقعة في عالم الاتفاقات والحركات المحصلة للاستعدادات كما قال تعالى الملك (1) يومئذ لله وقال فلا انساب بينهم فصل (8) في البعث اما البعث فهو خروج النفس عن غبار هذه الهيئات المحيطة بها كما يخرج الجنين من القرار المكين وقد مرت (2) الإشارة إلى أن القبر الحقيقي هو انغمار النفس
(٢٢٤)