في الجوهر الوجود غير منسلكين في سلك واحد فلا وجه لطلب المكان للآخرة وصاحب الذوق السليم يتفطن بهذا على أن من نظر إلى مواضع هذا الكتاب لا يحتاج إلى زيادة مؤنه وتفتيش وانما بسطنا القول في زيادة الكشف والتوضيح شفقة على الظاهريين الذين قصدهم في النسك والعبادات طلب قضاء شهوة البطن والفرج في الآخرة على وجه ألذ وأدوم فهم في الحقيقة طلاب الدنيا وعند أنفسهم انهم يطلبون ثواب الآخرة والتقرب إلى الله تعالى.
ومنها لزوم مفسده التناسخ كما مر ذكره وهذا أيضا شبهه قوية عسره الانحلال صعب الزوال على غير من اطلع على طريقتنا وسلك مسلكنا.
والجواب الذي ذكروه وقرروه في غاية الضعف والقصور وما تيسر إلى الان لاحد من الاسلاميين في حل هذا الاشكال شئ يمكن التعويل عليه حتى أن بعضهم ارتكب القول بتجويز التناسخ مع أن استحالته مبرهن عليها وغاية ما تفصوا به عن اشكال التناسخ ما ذكره بعض الاعلام في رسالة لفقها في تحقيق المعاد ان للنفس الانسانية ضربين من التعلق بهذا البدن أولهما أولى وهو تعلقها بالروح البخاري وثانيهما ثانوي وهو تعلقها بالأعضاء الكثيفة فإذا انحرف مزاج الروح وكاد ان يخرج عن صلاحية التعلق اشتد التعلق الثانوي من جانب النفس بالأعضاء وبهذا يتعين الاجزاء تعينا ما ثم عند المحشر إذا جمعت وتمت صوره البدن ثانيا وحصل الروح البخاري مره أخرى عاد تعلق الروح كالمرة الأولى فذلك التعلق الثانوي يمنع من حدوث نفس أخرى على مزاج الاجزاء فالمعاد هي النفس الباقية لنيل الجزاء انتهى قوله.
وقد سبقت الإشارات إلى بطلانه من أن تعلق النفس بالبدن امر طبيعي منشأه المناسبة التامة والاستعداد الكامل للمادة المخصص لها بهذه النفس دون غيرها ولا بد ان يكون هذا التخصص والاستعداد مما لم يوجد الا لهذه المادة الواحدة بالقياس إلى النفس المعينة الواحدة لئلا يلزم التخصص بلا مخصص أو تعلق نفس واحد ببدنين على انك قد علمت أن منشأ حدوث النفس وما يجرى مجراها هو حركه الذاتية (1) الاستكمالية