الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٥٦
في مكان فإن لم يكن في مكان فهي لا محاله فوق وأسفل وفي الكل من غير أن تنقسم وتتجزى بتجزي الكل فالنفس في كل مكان وليست في مكان انتهى كلامه.
أقول ينبغي ان يعلم أن صوره النبات إذا قطع من أصله أو جف تسلك أولا إلى عالم الصور المقدارية بلا هيولي وينتهي منه إلى العالم العقلي كما ذكره المعلم فإذا انتهت إلى ذلك العالم الصوري فتصير اما من أشجار الجنة (1) ان كانت ذات طعم جيد كالحلاوة ونحوها طيبه الرائحة أو من أشجار الجحيم ان كانت ردية الطعم مره المذاق كريهة الرائحة كشجره الزقوم طعام الأثيم وأصول هذه الأشجار تنتهي إلى سدره (2) المنتهى عندها جنه المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى كما أن جميع النفوس تنتهي أولا إلى النفس الكلية التي فوقها العقل الكلى وهو مأوى النفوس الكلية كما انها منتهى النفوس الجزئية.
قال الفيلسوف الأعظم ان كل صوره طبيعية هي في ذلك العالم الا ان هناك بنوع أفضل وأعلى وذلك انها هاهنا متعلقه بالهيولى وهي هناك بلا هيولي وكل صوره طبيعية هنا فهي صنم للصورة التي هناك الشبيهة بها فهناك سماء وارض وهواء ونار وماء وان كانت هناك هذه الصورة فلا محاله هناك نبات أيضا.

(1) أي فانية فيها فان لها في نفسها أشجارا هي أصل هذه وقبل هذه ومنها أشجار هي صور أخلاق بني آدم وأعمالها ففي الجنة قيعان غراسها سبحان الله س ره (2) ظاهرها كما في التفسير شجره عن يمين العرش فوق السماء السابعة انتهى إليها علم كل ملك وقيل إليها ينتهى ما يعرج إلى السماء وما يهبط من فوقها من امر الله وقيل يغشها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجر وهذا ما قال تعالى إذ يغشى السدرة ما يغشى وتأويلها البرزخية الكبرى إليها ينتهى مسير الكمل واعمالهم وعلومهم وهي نهاية المراتب الأسمائية أعني الحضرة الواحدية ووقوع الملائكة عليها كالغربان تأويله انتهاء سير السائرين إليها فليس وراء عبادان قرية وعلى التأويل بالبرزخية الكبرى أمكن حمل السدرة على الحيرة الممدوحة كما قال صلى الله عليه وآله وسلم رب زدني فيك تحيرا ومنه قول ابن الفارض اخال حضيضي الصحو والسكر معرجي إليها ومحوى منتهى قاب سدرتي ومن السدرة بمعنى الحيرة السدر الذي من أمراض الرأس س ره
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست