الذين ارتكبوا الكبائر فإنهم يلقون في طرطاوس ولا يخرجون منه ابدا واما الذين ندموا على ذنوبهم مده عمرهم أو قلت آثامهم وقصرت عن تلك الدرجة فإنهم يلقون في طرطاوس سنه كامله يتقدون ثم يلقاهم الموج إلى موضع ينادون خصومهم يسئلونهم الاحضار على القصاص لينجوا من الاتقاد فان رضوا والا أعيدوا إلى طرطاوس ولم يزل ذلك دأبهم إلى أن يرضى خصومهم عنهم والذين كانت سيرتهم فاضله يتخلصون من هذه المواضع من هذه الأرض ويستريحون من هذه المحابس ويسكنون الأرض النقية.
قال المترجم طرطاوس شق كبير وأهوية يسيل إليه الأنهار على أنه يصفه بما يدل على التهاب النيران كما في قوله تعالى وإذا البحار سجرت وقوله والبحر المسجور.
وقال أستاذ الفلاسفة النفس إذا سلكت (1) علوا ولم تبلغ إلى العالم الاعلى بلوغا تاما وقفت بين العالمين وكانت بين الأشياء العقلية والحسية متوسطة بين العقل والحس غير أنها إذا أرادت ان يسلك علوا سلكت بأهون سعى ولم يشتد عليها ذلك بخلاف ما إذا كانت في العالم السفلى ثم أرادت الصعود إلى العالم العقلي فان ذلك مما يشتد عليها.
واما بيان رفع التناقض بين الآيات والكلمات المنقولة والتحقيق في التوفيق بينها فهو ان الأبدان الأخروية متوسطة بين العالمين جامعه للتجرد والتجسم مسلوب عنها كثير من لوازم هذه الأبدان الدنيوية فان البدن الأخروي كظل لازم للروح وكحكاية ومثال له بل هما متحدان في الوجود بخلاف هذه الأبدان المستحيلة الفاسدة وان الدار الآخرة وأشجارها وأنهارها وغرفاتها ومساكنها والأبدان التي فيها كلها صور (2) ادراكية وجودها عين مدركيتها ومحسوسيتها وقد علمت مرارا ان الصورة المحسوسة وجودها في نفسها عين محسوسيتها ومحسوسيتها عين وجودها للجوهر الحاس