الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٥٤
عن ادراك حقائق الأشياء كما هي عليها بغشاوة التقليد والامتراء وحجب الهوى والدنيا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
تمثيل مثال البنية الانسانية في هذا العالم مثال السفينة المحكمة الاله في البحر بما فيها من القوى النفسانية والجنود العمالة فيها المسخرة بإذن الله المرتبة في امر هذه السفينة المصلحة بحالها فان سفينة البدن لا يتيسر السير بها إلى الجهات الا بهبوب رياح الإرادات فإذا سكنت الريح وقفت السفينة عن السير والجريان وبسم الله مجراها (1) ومرساها فكما انه إذا سكنت الريح التي نسبتها إلى السفينة نسبه النفس إلى البدن وقفت السفينة قبل ان يتعطل شئ من أركانها ويختل واحده من آلاتها كذلك جسد الانسان وآلاته إذا فارقتها النفس لا يتهيأ له الحس والحياة التي في مثالنا بمنزله حركه السفينة وان لم يعدم بعد شئ من مواد البدن وآلاته وأعضائه الا ذهاب نفخ الروح الذي بمنزله ريح السفينة والبرهان حقق ان الريح ليس من جوهر السفينة بل حركتها تابعه لحركته ولا السفينة حامله للريح بل الريح حاملها ومحركها بإذن الله ومجراها باسم الله ولا تقدر السفينة ومن عليها من

(1) اعلم أن اسم الله في عرف العرفاء الشامخين عبارة عن حقيقة الوجود مأخوذا بتعين من التعينات الصفاتية الإلهية فإذا اخذ بتعين الظاهرية بالذات والمظهرية للغير فهو اسم النور وإذا اخذ بتعين ما به الانكشافية لذاته ولما عدا ذاته فهو اسم العالم وإذا اخذ بتعين كونه خيرا جميلا مبتهجا بذاته وبآثار ذاته من حيث إنها آثاره راضيا بها محبا لها فهو اسم المريد والشائي والودود والراضي وإذا اخذ بتعين الفياضية على سبيل الشعور والمشية فهو اسم القادر وهكذا الأسماء الاخر وقد يطلق الاسم على كل وجود من حيث إنه آية وسمه لكمال من كمالات الله إذا عرفت هذا فاعرف ان كون مجرى الفئتين ومرساهما باسم الله معناه ان وجود الريح وكذا وجود الربان وتبعته ووجود النفس وقواها وارادتها أسماء الله تعالى الفعالة أو باسمه المقيم المبدء المنشئ وباسمه الاخر المرجع المعيد القهار مجراهما ومرساهما وعند العرفاء أسماء الله تعالى هي أرباب الأنواع الفعالة فيها فالافعال التي يترائى بنظر غيرهم من المظاهر كالمبادئ المقارنة التي هي القوى والطبائع والمبادئ المفارقة كالنفوس والعقول بنظرهم من الأسماء الحسنى س ره
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست