أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك اتتك آياتنا (1) فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ومن أعظم الآلام لهم انهم عن ربهم لمحجوبون وقد ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وأحاطت به خطيئاتهم فهم في الدرك الأسفل من النار متقاعدون فلا شك ان هؤلاء الأشقياء أسوء حالا من الفريق الأول فالأولى (2) أهل الحجاب والأخرى أهل العقاب وفي الكتاب الإلهي قد تكررت وتكثرت الإشارة إليهما جميعا والى كل منهما منفردا.
منها ما وقع في أوائل البقرة فالإشارة إلى القسم الأول قوله تعالى ان الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم إلى قوله ولهم عذاب اليم فهؤلاء لا سبيل إلى خلاصهم من النار وهم أصحاب (3) النار بالحقيقة كأكثر الكفرة طبعا وقد تأكدت القوة بمزاولة المعاصي والشهوات كذلك حقت كلمه ربك على الذين فسقوا انهم لا يؤمنون وكذلك (4) حقت كلمه ربك على الذين كفروا انهم أصحاب النار لأنهم سدت عليهم الطريق وأغلقت عليهم الأبواب إذ القلب أعني القوة العاقلة هو مشعر الإلهي الذي هو محل الاعلام والالهام فحجبوا عنه بختمه والحواس سيما السمر والبصر وهما المشعران اللذان هما بابان عظيمان من أبواب الفهم والاعتبار فحرموا عن جدواهما لامتناع نفوذ المعنى فيهما إلى القلب فلا سبيل لهم في الباطن إلى العلوم الحقيقية ولا في الظاهر