أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ وعندنا أيضا أصول داله على أن الجحيم وآلامها وشرورها دائمه باهلها كما أن الجنة ونعيمها وخيراتها دائمه باهلها الا ان الدوام لكل (1) منهما على معنى آخر ثم انك تعلم أن نظام الدنيا لا ينصلح الا بنفوس جافية وقلوب غلاظ شداد قاسية فلو كان الناس كلهم سعداء بنفوس خائفة من عذاب الله وقلوب خاضعة خاشعة لاختل النظام بعدم القائمين بعمارة هذه الدار من النفوس الغلاظ العتاة كالفراعنة والدجاجلة وكالنفوس المكاره كشياطين الانس بجربزتهم وجبلتهم وكالنفوس البهيمية الجهلة كالكفار وفي الحديث الرباني انى جعلت معصية آدم سبب عمارة الدنيا وقال تعالى ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول (2) منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فكونها على طبقه واحده ينافي الحكمة كما مر ولاهمال سائر الطبقات الممكنة في مكمن الامكان من غير أن يخرج من القوة إلى الفعل وخلو أكثر مراتب هذا العالم عن أربابها فلا يتمشى النظام الا بوجود الأمور الخسيسة والدنية المحتاج إليها في هذه الدار التي يقوم بها أهل الظلمة والحجاب ويتنعم بها أهل الذلة والقسوة المبعدين عن دار الكرامة والنور والمحبة فوجب في الحكمة الحقه التفاوت في الاستعدادات لمراتب الدرجات في القوة والضعف والصفاء والكدورة وثبت بموجب قضائه اللازم النافذ في قدره اللاحق الحكم بوجود السعداء والأشقياء جميعا فإذا كان وجود كل طائفة بحسب قضاء إلهي ومقتضى ظهور اسم رباني فيكون لها غايات حقيقية ومنازل ذاتية والأمور الذاتية التي جبلت عليها الأشياء إذا وقع الرجوع إليها تكون ملائمة لذيذة وان وقعت المفارقة عنها أمدا بعيدا وحصلت الحيلولة عن الاستقرار عليها زمانا مديدا بعيدا كما قال تعالى وحيل بينهم وبين ما يشتهون ثم إن الله تعالى يتجلى بجميع الأسماء والصفات في جميع المراتب
(٣٤٨)