إذ لا كمال لها وان كانت خارجه عن القوة المخصة والهيولانية بحصول الأوليات وبعض الآراء المشهورة والمقدمات الذائعة ولم يحدث فيها بعد شوق إلى العقليات ولا داعيه كمال علمي عقلي على وجه التأكد والجزم فإنها إذا فارقت هذا البدن فان كانت خيره فلا محاله لها سعادة غير حقيقية من جنس ما كانت توهمته وتخيلته وبلغت إليه همته وسمعت من أهل الشرائع من الحور والقصور والسدر المخضود والطلح (1) المنضود والظل الممدود والأشجار والأنهار وسائر ما يكون لذيذا بهيجا عنده وهذا مما لا اشكال في اثباته عندنا لان الصور الأخروية المحسوسة حصولها غير مفتقر إلى موضوع ومادة كما أشرنا إليه وسيأتي بيان ذلك على مسلك البرهان والفحص البالغ والبحث اللائق.
واما الفلاسفة فنقل صاحب الشفاء عن بعض منهم قولا ممكنا على زعمه وقد وصفه بأنه لا يجازف في الكلام من أن هؤلاء إذا فارقوا الأبدان وهم بدنيون وليس لهم تعلق بما هو أعلى من الأبدان فيشغلهم التزام النظر إليها والتعلق بها عن الأشياء البدنية وانما لأنفسهم انها زينه لأبدانهم فقط ولا يعرف غير الأبدان والبدنيات أمكن ان يعلقهم نوع تشوقهم إلى التعلق ببعض الأبدان التي من شانها ان يتعلق بها الأنفس لأنها طالبه بالطبع وهذه ماهيات هياه الأجسام دون الأبدان الانسانية والحيوانية للعذر الذي ذكرناه ولو تعلق بها لم يكن الا نفسا لها فيجوز ان يكون ذلك جرما سماويا لا ان تصير (2) هذه الأنفس أنفسا لذلك الجرم أو مدبره لها فان هذه لا يمكن بل إن تستعمل ذلك الجرم لامكان (3) التخيل ثم يتخيل الصور التي كانت معتقده عنده وفي وهمه فإن كان اعتقاده في نفسه وفي أفعاله الخير وموجب السعادة رأى الجميل وتخيله فيتخيل انه مات وقبر وسائر ما كان في اعتقاده للأخيار قال ويجوز ان يكون هذا الجرم متولدا من الهواء والأدخنة ويكون مقارنا