اللذات المحسوسة الموعودة في الجنة من اكل ونكاح يجب التصديق بها لامكانها واللذات كما تقدم حسية وخيالية وعقلية اما الحسى فلا يخفى معناه وامكانه في ذلك كامكانه في هذا العالم فإنه بعد رد الروح إلى البدن وقام البرهان على امكانه واما الخيالي فلذة كما في النوم الا ان النوم غير مستقر لأجل انقطاعه فلو كانت دائمه لم يظهر الفرق بين الخيالي والحسي لان التذاذ الانسان بالصورة من حيث انطباعها في الخيال والحس لا من حيث وجودها في الخارج فلو وجدت في الخارج ولم يوجد في حسه بالانطباع فلا لذه له ولو بقي المنطبع وعدم في الخارج لدامت اللذة وللقوة المتخيلة قدره على اختراع الصور في هذا العالم الا ان الصورة المخترعة المتخيلة ليست محسوسة ولا منطبعة في القوة الباصرة فلذلك لو اخترع صوره جميله في غاية الكمال وتوهم حضورها ومشاهدتها لم يعظم سروره لأنه ليس يصير مبصرا كما في المنام فلو كانت للخيال قوه على تصويرها في القوة الباصرة كما له قوه تصويرها في المتخيلة لعظمت لذته ونزلت منزله الصور الموجودة ولم يفارق الدنيا الآخرة في هذا المعنى الا من حيث كمال القدرة على تصويرها الصورة في القوة الباصرة ولا يخطر بباله شئ يميل إليه الا ويوجد له في الخيال حيث يرى واليه الإشارة بقوله ع ان في الجنة سوقا يباع فيه الصور والسوق (1) عبارة عن اللطف الإلهي الذي هو منبع القدرة على اختراع الصورة بحسب الشهوة وهذه القدرة أوسع (2) وأكمل من القدرة على الايجاد من خارج الحس وحمل أمور الآخرة على ما هو أتم وأوفق للشهوات أولى ولا ينقص رتبتها في الوجود اختصاص وجودها في الحس وانتفاء وجودها في الخارج فان وجودها مراد لأجل حظه وحظه من وجوده في حسه فإذا وجد فيه فقد توفر حظه والباقي فضل لا حاجه إليه وانما يراد لأنه طريق المقصود وقد تعين كونه طريقا في هذا العالم الضيق القاصر اما في ذلك العالم فيتسع الطريق ولا يتضيق واما الوجود
(١٥٢)