فصل (5) في أن قوى النفس المتعلقة بالبدن بعضها أقل قبولا للتجزي وبعضها أكثر قبولا للتجزي وانها كيف تكون مع تبدلها وتبدل أفاعيلها شخصية منسوبة إلى نفس شخصي وكذا البدن كيف يبقى بدنا شخصيا مع تبدله في كل حين قد علمت أن وجودات الأشياء متفاوتة في الكمال والنقص وان قاعدة الامكان دلت (1) على أن كل مرتبه من مراتب الوجود التي تكون متوسطة بين أعلى الموجودات وأدناها هي واجبه التحقيق في العالم وقد أوضحنا ذلك فيما سبق حيث فصلنا أنواع الجمادات والنباتات والحيوانات وان أنواعها متفاوتة الوجود وآخر كل أفق من الثلاثة متصل بأول الأفق الذي بعده. فاعلم هاهنا (2) ان كل حقيقة جمعية تأليفية كالحقيقة الانسانية المشتملة على جزء أعلى كالنفس وجزء أدنى كمادة البدن فلا بد ان يكون الارتباط بينهما بمتوسط مناسب للطرفين وكذا بين كل من الطرفين والواسطة فاذن في الانسان قوى مختلفه بعضها ادراكية وبعضها تحريكية والادراكية بعضها عقلية وبعضها وهمية وبعضها خيالية وبعضها حسية والتفاوت بين هذه الأقسام بالشدة والضعف ظاهر مكشوف وان أشد منها تجردا هي العقلية ثم الوهمية ثم الخيالية ثم الحسية والحسيات خمسه مشهورة وفيها أيضا تفاوت بالكمال والنقص وأشدها تعلقا بالمادة هي اللمسية ثم الذوقية ثم الشمية ثم السمعية ثم البصرية وكل من هذه الأقسام الثمانية لا يخلو من تفاوت بين افرادها وكذلك القوى التحريكية كالغضبية والشهوية والنباتية بعضها أشد تعلقا بالمادة من البعض وكلما كانت أشد تعلقا بالمادة كانت أكثر تجزيا وكلما
(١٠٤)