الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٩٤
وقد ورد في هذا الباب من طريق أهل البيت ع وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيره منها ما روى عن قيس بن عاصم أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم يا قيس ان مع العز ذلا ومع الحياة موتا وان مع الدنيا آخره وان لكل شئ رقيبا وعلى كل شئ حسيبا وان لكل اجل كتابا وانه لا بد لك من قرين يدفن معك وتدفن معه وهو حي وأنت ميت فإن كان كريما أكرمك وإن كان لئيما أسلمك ثم لا يحشر الا معك ولا تحشر الا معه ولا تسئل الا عنه فلا تجعله الا صالحا فإنه ان صلح آنست به وان فسد لا تستوحش الا منه وهو فعلك فانظر يا وليي في هذا الحديث الشريف تجد فيه لباب معرفه النفس وعلم الآخرة وفيه إشارة إلى عده مسائل شريفة ليس هاهنا موضع بيانها.
ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم ان الجنة قيعان وان غراسها سبحان الله ومنها ان المرء مرهون بعمله ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم خلق الكافر (1) من ذنب المؤمن وأمثال ذلك كثيره.
ومن كلام فيثاغورس وهو من أعاظم الحكماء الأقدمين انك ستعارض لك في أفعالك وأقوالك وأفكارك وسيظهر لك من كل حركه فكرية أو قوليه أو عملية صوره روحانية وجسمانية فان كانت حركه غضبية أو شهوية صارت مادة لشيطان يؤذيك في حياتك ويحجبك عن ملاقاة النور بعد وفاتك وان كانت حركه عقلية صارت ملكا تلتذ بمنادمته في دنياك وتهتدي به في أخراك إلى جوار الله ودار كرامته.

(1) أي الشيطان الكافر الذي هو صوره الملكة التي تحصل من تكرر الذنب وجه آخر انه يؤدى كثره الذنوب إلى اسوداد القلب ويؤدى إلى أن يصير ذلك المؤمن مرتدا وجه آخر لما كان المؤمن الذي هو الانسان الكامل أصلا كان الكل فروعه كما قيل إنه خلق من فضالة طينته سائر الأكوان فإذا اخذ مطلق المؤمن ومطلق الكافر والمؤمن مقدم جعل المؤمن المذنب أصلا والكافر فرعا كما أن نباتيته الأصل وسائر النباتات فروعه وحيوانيته الأصل وسائر الحيوانات فروعه واظلاله وكذا في الأخلاق محبته الأصل ومحباتها فروع وقهره كذا وقس عليها عصمه الانسان الكامل المعصوم علما وعملا وعصمه الملائكة العلامة والعمالة وهكذا س ره
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست