في مباحث النبوات فاذن قد ثبت وتحقق من جميع ما نقلناه وذكرناه ان لكل صوره طبيعية في عالم الشهادة صوره نفسانية في عالم الغيب هي معادها ومرجعها الذي يحشر إليه بعد زوال المادة ودثورها وهي الان أيضا متصلة بها متقومة بقوامها راجعه إليها لكنها لما كانت مغمورة في غمره الظلمات والاعدام غريقة في بحر الهيولى والأجسام لا يستبين حشرها إلى تلك الصور النفسانية المقيمة لها الا لأهل المعرفة والشهود فإذا انفسخت هذه الصور بدثور مادتها وتجردت عن غواشيها الجسمانية التي هي مقبرة ما في علم الله برزت صورتها من هذه المكامن والمقابر إلى ذلك العالم عالم المعرفة والكشف واليقين وحشرت إليه كما قال تعالى وبرزت الجحيم لمن يرى وقوله تعالى كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم واعلم أن صوره الجحيم التي ستبرز في الدار الآخرة بحيث يشاهدها أهل المحشر عند ذلك هي بعينها باطن هذه الطبيعية السفلية التي تحرق نارها (1) الأبدان وتبدل الجلود بالاستحاله والذوبان لكنها مستورة كما ذكر عن هذه الحواس فإذا خرجت النفوس عن هذا العالم تشاهد صورتها الكامنة بارزه مع قيودها وسلاسلها وأغلالها وعقاربها وحياتها وترى شهواتها ولذاتها بصوره نيرانات ذات لهب وشعلات محرقة للقلوب معذبة للنفوس ومطعوماتها ومشروباتها كالزقوم والحميم تزيد في الجوع والعطش للنفس والالتهاب والاحتراق الدعوى السادسة في معاد الهيولى والأجسام المادية والإشارة إلى غاية الأشرار والشياطين لما علمت أن الموجودات التي لها حظ من الوجود ولها صوره محصله كلها متوجهه بحسب فطرتها نحو الغايات والكمالات والاغراض الصحيحة المتممة لها المبلغة بها إلى غايات أخرى فوق تلك الغايات إلى أن ينتهى إلى غاية لا غاية لها فاعلم هاهنا ان من الأشياء ما لاحظ لها من الوجود الا كونها استعدادات وامكانات لأشياء أخرى هي الصور والكمالات دونها وهي مثل حركه والهيولي والقوة والزمان وكذا
(٢٦٣)