قوله تعالى يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يبقى أحد على أي دين كان الا يسجد السجود المعهود ومن سجد اتقاء أو رياء خر على قفاه وبهذه السجدة يرجح ميزان أصحاب الأعراف لا لأنها سجدة تكليف كما ظن لان دار التكليف هي الدنيا لا غير بل لأنها سجدة ذاتية صدرت عن فطره من غير رياء وغرض وقد مر ان جانب الرحمة أرجح إذا بقي القابل على فطرته الذاتية ومرتبة امكانه الذاتي من غير انحراف عن سنن الحق ولا تغير في خلق الله الا على سبيل الاستكمال فيه ويحضر الجحيم في العرصات على صوره (1) بعير غضبان وجئ يومئذ بجهنم ليتذكر الانسان ويشاهدها أهل الموقف بالعيان وبرزت الجحيم لمن يرى فيطلع الخلائق من هول مشاهدتها على فنائهم ويفزعون إلى الله ولولا أن حبسها الله برحمته لأحرقت السماوات والأرض والموت لكونه عبارة عن هلاك الخلق بأحد طرفي التضاد يقام بين الجنة وهي دار الحياة والنار وهي دار الهلاك والبوار في صوره كبش أملح ويذبح بشفرة يحيى وهو اسم لصورة الحياة الباقية في المستقبل بأمر جبرئيل (2) مبدء الحياة ويحيى الأشباح بالأرواح بإذن الله ليظهر حقيقة البقاء الأبد بموت الموت وحياه الحياة وينادى منادي الحق يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت وان كانت حياتهم ممزوجة بالموت لقوله تعالى لا يموت فيها ولا يحيى وليس في النار في ذلك الوقت الا أهل النار الذين هم أهلها وذلك يوم الحسرة لأنه حسر أي ظهر للجميع صفه خلودهم الدائم لكل طائفة فيما هي من أهلها من الدار فاما أهل الجنة إذا رأوا الموت سروا سرورا عظيما فيقولون بارك الله لنا فيك لقد خلصتنا من دار الدنيا الفانية وكنت خير وارد علينا وخير تحفة أهدانا الله سبحانه لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الموت تحفة المؤمن واما أهل النار وهم أهل الدنيا خاصه إذا أبصروه يفزعون ويقولون لقد كنت شر وارد علينا حلت بيننا وبين ما كنا فيه من الخير والدعة ثم يقولون له عسى
(٣١٢)