القلم والصور كمنازل الحروف في اللوح فنفخ الروح في صور العالم (1) فظهرت الأرواح متميزة بصورها فقيل هذا زيد وهذا عمر وهذا فرس وهذا فيل وهذه حيه وكل ذي روح وما ثم الا ذو روح لكنه مدرك وغير مدرك فمن الناس من قال إن الأرواح في أصل وجودها متولدة من مزاج الصور ومن الناس من منع ذلك ولكل واحد وجه يستند إليه في ذلك والطريق المثلى الوسطى (2) ما ذهبنا إليه وهو قوله تعالى ثم أنشأناه خلقا آخر وإذا سوى الله الصورة الجسمية ففي أي صوره شاء من الصور الروحية ركبها ان شاء في صوره خنزير أو كلب أو انسان أو فرس على ما قرره العزيز العليم فثم شخص الغالب عليه البلادة والبهيمية فروحه روح حمار وبه يدعى إذ ظهر حكم ذلك الروح فيقال فلان حمار وكذا كل ذي صفه يدعى إلى كتابها (3) فيقال فلان كلب وفلان أسد وفلان انسان وهو أكمل الصفات وأكمل الأرواح قال تعالى الذي خلقك فسواك فعدلك وتمت النشأة الظاهرة في أي صوره ما شاء ركبك من صوره الأرواح فنسبت إليها كما ذكرناه وهي معينه عند الله فامتازت الأرواح بصورها ثم إنها إذا فارقت هذه المواد فطائفة من أصحابنا يقول إن الأرواح تتجرد عن المواد تجردا كليا وتعود إلى أصلها كما يعود شعاعات الشمس المتولدة عن الجسم الصيقل إذا صدء إلى الشمس واختلفوا هاهنا على طريقين فطائفة قالت لا تمتاز بعد المفارقة لأنفسها كما لا تمتاز ماء الأوعية التي على شاطئ النهر إذا انكسرت فرجع ماؤها إلى النهر وقالت طائفة أخرى بل يكتسب بمجاورة الجسم هيئات ردية وحسنه فيمتاز بتلك الهيئات إذا
(٢٥٢)