العلم الكلى والفلسفة الأولى ان هاهنا غايات وهمية (1) زينت لطوائف من الناس مبادئها أغاليط وهمية وأماني باطله وأهوية ردية ولكل نوع من الهوى والشهوات الذميمة طاغوت يؤدى بصاحبه إلى غاية جزئيه في هذا العالم وقد علمت أن هذه الغايات الجزئية والاغراض الوهمية مضمحلة فاسده فمن كان وليه الطاغوت واضلاله والهوى واتباعه وكل هذه الأمور من لوازم هذه النشأة الفانية فكلما أمعنت هذه النشأة في الدثور ازداد الطاغوت وجنوده اضمحلالا فيذهب به ممعنا في وروده العدم متقلبا به في الدركات حتى يحله دار البوار ومرجع الأشرار.
تعقيب فيه تأييد لما حصلناه وتأكيد لما أصلناه من عود هذه الطبائع المتجددة إلى دار أخرى باقية قد ذكرنا ان القوة الإلهية لم تقف ولا تقف عند ذاتها من غير أن يفيض على ما دونها من الأشياء فيضانا دائما لكونها غير متناهية في الشدة والمدة والعدة فهي فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى بل أفاض أولا على العقل وصوره على مثاله تعالى عن المثل والشبيه قبل ان يفيض على غيره إذ لم يجز في العناية الواجبية صدور الممكن الأخس قبل الأشرف كما علمت بل لا بد من إفاضة الأشرف أولا وبعده الأشرف فالأشرف إلى الأخس فالأخس حتى ينتهى إلى ما لا أخس منه فلا جرم صدر من الباري أولا انية العقل تاما كاملا ولما كان العقل أيضا تاما كاملا بعد الأول غير متناه عده ومده لا شده لم يجز أيضا وقوفه عند ذاته من غير أن يصدر عنه ما يناسبه ويقرب منه غاية ما يمكن من القرب بين المفيض والمفاض عليه فأفاض من نوره وقوته على النفس وكذلك النفس لما امتلأت نورا وقوه وغيرها من الفضائل والخيرات وغاية ما يمكن للنفس ان تقبلها لم تقدر على الوقوف على ذاتها لعله ان تلك الفضائل والخيرات التي أفادها العقل