كانت أقل تعلقا بها كانت أقل انقساما والنفس وان كانت بحسب ذاتها المجردة غير قابله للتجزي والانقسام لكنها من جهة اتصالها بالبدن قابله للتجزي والانقسام.
قال الفيلسوف الأكرم ان النفس تتجزى بالعرض وذلك انها إذا كانت في الجسم قبلت التجزية بتجزي الجسم كقولك ان الجزء المفكري غير الجزء البهمي وجزئها الشهواني غير جزئها الغضبى فالنفس انما تقبل التجزية بالعرض لا بذاتها أي بتجزي الجسم الذي هي فيه فاما هي بعينها فلا تقبل التجزية البتة فإذا قلنا إن النفس متجزية فإنما نعنى بذلك انها في كل جزء من اجزاء الجسم لأنها تتجزى بتجزي الجسم والدليل على ذلك أعضاء البدن وذلك أن كل عضو من أعضاء البدن حساس وانما يكون حساسا دائما إذا كانت قوه النفس فيه فإذا كانت قوه النفس الحساسة في جميع الأعضاء ذوات الحس قيل لتلك القوة انها تتجزى بتجزي الأعضاء التي هي فيها وقوه النفس وان كانت منبثة في جميع الأعضاء لكنها في كل عضو تامه كامله وليست متجزية كتجزي الأعضاء وانما يتجزى بتجزي الأعضاء كما وصفناه مرارا انتهى قوله.
واعلم أن هذه القوى المتعددة هي مجتمعه في النفس متفرقة في البدن وسبب افتراقها في البدن انه لا بد لكل منها ما يناسبه من الأعضاء فان العضو الذي هو آله للبصر مثلا لا يمكن ان يكون مثل العضو الذي هو آله للسمع وكذا (1) العضو الذي يصلح لان يكون فيه موضع الغضب غير الذي يصلح ان يكون محل الشهوة وهكذا القياس في غيرها من الأعضاء واما اللمس فلكونها قوه سافله دنية من جنس أوائل الكيفيات العنصرية فأكثر الأعضاء صالحه لقبولها ولهذا تنبت فيها.
قال الفيلسوف ان لكل قوه من قوى النفس موضعا معلوما من مواضع البدن تكون فيه لا انها تحتاج إلى المواضع لثباتها وقوامها لكنها تحتاج إليها لظهور فعلها