اتصال النفس بالبدن وارتباطها به كاتصال النور بالظل والشعلة بالدخان والشخص بالعكس إذا قابلته مرآة لأنا لا نعقل شيئا ونحن بدنيون الا والتعقل منا يشوب بالتخيل فإذا انقطعت العلاقة بين النفس والبدن وزال هذا الشوب صارت المعقولات مشاهده والشعور بها حضورا والعلم عينا والادراك رؤية عقلية فكان الالتذاذ بحياتنا العقلية أتم وأفضل من كل خير وسعادة وقد عرفت ان اللذيذ بالحقيقة هو الوجود وخصوصا الوجود العقلي لخلوصه عن شوب العدم وخصوصا المعشوق الحقيقي والكمال الأتم الواجبي لأنه حقيقة الوجود المتضمنة لجميع الجهات الوجودية فالالتذاذ به هو أفضل اللذات وأفضل الراحات بل هي الراحة التي لا ألم معها فصل (1) في كيفية حصول هذه السعادة ومنشأ احتجاب النفس عنها ما دامت في هذا العالم اعلم أن النفس انما تصل إلى هذه البهجة والسعادة بمزاولة اعمال وافعال مطهره للنفس مزيله لكدوراتها ومهذبة لمرآة القلب عن أرجاسها وأدناسها وبمباشرة حركات فكرية وانظار علمية محصله لصور الأشياء ولماهياتها فإذا استكملت بحصول معرفه الأشياء في ذاتها وخرجت ذاتها من القوة العقلية الهيولانية إلى العقل بالفعل انقطعت حاجتها عن فعل الحواس واستعمال البدن وقواه ولكن لا يزال يحاذيها البدن والقوى ويشغلها ويمنعها عن تمام (1) الاتصال وروح الوصال فإذا انحط عنه شغل البدن
(١٢٥)