خطيئتهما وهي جنه الأرواح (1) المسماة عند أهل المعرفة والشريعة موطن العهد ومنشأ اخذ الذرية هي غير الجنة التي وعد المتقون وهي جنه البرزخ لأن هذه لا يكون لكل أحد الا بعد انقضاء حياته الدنيوية بموته وللكل الا بعد خراب الدنيا وبوار السماوات والأرض وانتهاء الحركات (2) وبلوغ الغايات وان كانتا متفقتين في الحقيقة والمرتبة الوجودية لكونهما جميعا دار الحياة الذاتية والوجود الادراكي الصوري من غير تجدد ولا دثور ولا انقطاع ولا تضاد ولا تزاحم وبيان ذلك أن المبادئ الوجودية والغايات متحاذية متعاكسة في الترتيب وان الموت كما علمت ابتداء (3) حركه الرجوع للنفوس الآدمية إلى الله تعالى كما أن الحياة الطبيعية انتهاء حركه النزول لها من عنده وقد شبهت الحكماء والعرفاء هاتين السلسلتين النزولية والصعودية بالقوسين من الدائرة اشعارا بان حركه الثانية الرجوعية انعطافية غير ماره على الأولى وان لكل درجه من درجات القوس الصعودية بإزاء مقابلتها من القوس النزولية لا عينها وان كانتا من جنس واحد فإذا علمت هذا فاعلم أيضا ان الجنة جنتان جنه محسوسة وجنة معقولة كما قال سبحانه ولمن خاف مقام ربه جنتان وقوله تعالى فيها من كل فاكهة زوجان (4) وقد علمت في الفن الكلى اثبات العالم العقلي المشتمل
(٣٢١)