الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٣٢١
خطيئتهما وهي جنه الأرواح (1) المسماة عند أهل المعرفة والشريعة موطن العهد ومنشأ اخذ الذرية هي غير الجنة التي وعد المتقون وهي جنه البرزخ لأن هذه لا يكون لكل أحد الا بعد انقضاء حياته الدنيوية بموته وللكل الا بعد خراب الدنيا وبوار السماوات والأرض وانتهاء الحركات (2) وبلوغ الغايات وان كانتا متفقتين في الحقيقة والمرتبة الوجودية لكونهما جميعا دار الحياة الذاتية والوجود الادراكي الصوري من غير تجدد ولا دثور ولا انقطاع ولا تضاد ولا تزاحم وبيان ذلك أن المبادئ الوجودية والغايات متحاذية متعاكسة في الترتيب وان الموت كما علمت ابتداء (3) حركه الرجوع للنفوس الآدمية إلى الله تعالى كما أن الحياة الطبيعية انتهاء حركه النزول لها من عنده وقد شبهت الحكماء والعرفاء هاتين السلسلتين النزولية والصعودية بالقوسين من الدائرة اشعارا بان حركه الثانية الرجوعية انعطافية غير ماره على الأولى وان لكل درجه من درجات القوس الصعودية بإزاء مقابلتها من القوس النزولية لا عينها وان كانتا من جنس واحد فإذا علمت هذا فاعلم أيضا ان الجنة جنتان جنه محسوسة وجنة معقولة كما قال سبحانه ولمن خاف مقام ربه جنتان وقوله تعالى فيها من كل فاكهة زوجان (4) وقد علمت في الفن الكلى اثبات العالم العقلي المشتمل

(1) أي الموجودة بنحو الكلية والوجود الواحد بالوحدة الجمعية وان كانت الصور كثيره بالماهيات الجزئية والاشكال والهيئات إذ قد مر معنى الكينونات السابقة للأرواح بحيث لا يلزم الأبحاث المشائية س ره (2) أي طولا ان إلى ربك المنتهى وقد ذكرنا ان الاجل المضروب للفعل انما هو بحسبه ان وسيعا فوسيع وان ضيقا فضيق وهنا بحسب قدره الله وكلماته إلى لا تنفد ولا تبيد س ره (3) أي ابتداء بروزه والا فابتداء الرجوع إلى الرب من حد النقص إلى الكمال بالاستكمال قبل الموت الاضطراري س ره (4) قد يطلق الزوج على مجموع شيئين وقد يطلق على أحدهما كما يقال لاحد النعلين زوج النعل ومنه اطلاق الزوج على الفحل والزوجة على امرأته ومن هذا القبيل الزوجان هنا فأحدهما ما في الجنة الصورية والاخر ما في الجنة الروحانية أي أحدهما المحسوس والاخر المعقول منه س ره
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»
الفهرست