الا ما شاء ربك واما أصحاب الجنة فليس لهم هذا التبدل (1) والاستحالة والكون والفساد لارتفاع نشأتهم عن نشأة الطبيعة واحكامها فحركاتهم وأفاعيلهم نوع آخر ليس فيها نصب ولا تعب ولا في أعمالهم من لغوب لان حركاتهم واعمالهم ليست بدنية بل هي كخطرات الوهم ولحظات الضمير منا هاهنا حيث لا تعب ولا كلال ولا نصب ولا فتور يعتريها لان السماوات وحركاتها مطوية في حقهم لأنهم من أصحاب اليمين ولهم مقام فيه يكون طي الزمان والمكان فزمانهم زمان يجتمع فيه الماضي والمستقبل من هذا الزمان ومكانهم مكان يحضر في خدمته جميع ما تسعه السماوات والأرض ومع ذلك يكون جنه الأعمال ونعيمها من المحسوسات بلا شبهه الا انها وان كانت محسوسة لكنها ليست طبيعية مادية بل صورها صور ادراكية وجودها العيني عين محسوسيتها وكل ما فيها نفساني الوجود مجرد عن نشأة الدنيا والطبيعة والهيولي المستحيلة الكائنة الفاسدة ومع ذلك يقع في عالم الجنان التجددات في تكوين الصور الجنانية لا من أسباب مادية بل جهات فاعليه نفسانية وشؤونات إلهية بحكم كل يوم هو في شان وقد ثبت ان أصل التغيرات في الآفاق انما نشأت من عالم الأنفس ونشأة الجنان نشأة النفوس ففيها الأكوان النفسانية.
قال العارف المحقق في الفتوحات المكية في الباب السابع والأربعين منها فلا تزال الآخرة دائمه التكوين فإنهم يقولون في الجنان للشئ الذي يريدونه كن فيكون فلا يتمنون فيها أمرا ولا يخطر لهم خاطر في تكوين امر الا ويتكون بين أيديهم وكذلك أهل النار لا يخطر لهم خاطر خوفا من عذاب أكبر مما هم عليه الا ويكون فيهم ذلك العذاب وهو خطور الخاطر فان الدار الآخرة تقتضي تكوين الأشياء حسا بمجرد حصول الخاطر والهم والإرادة والشهوة كل ذلك محسوس وليس ذلك في الدنيا أعني الفعل بمجرد الهمة لكل أحد انتهى كلامه ومن عرف كيفية قدره الله في صنع الخيال وما تجده النفس بل توجده بإذن الله من صور الأجرام العظيمة والأفلاك الجسمية الساكنة والمتحركة والبلاد الكثيرة وخلائقها وأحوالها وصفاتها في طرفه عين هان عليه التصديق